على ما سبق من الإشكال (وقال) ايضاحا لهذا المقال (ولعلّه) أي الشأن (لم يثبت عنده عليه الصلاة والسلام من أقوالهم ما رفع إليه) وحكي لديه ويشكل هذا بقول بعضهم أعدل واتق الله (وإنّما نقله الواحد) القائل إذ قوله دفع ورد عليه (ومن لم يصل) أي لم يبلغ قوله أو قائله (رتبة الشّهادة) أي الكاملة من العدد المعتبر في الشرع المقرر (في هذا الباب) بخصوصه المقدر فيما يوجب قتل من سب نبينا كما تحرر (من صبيّ) كزيد بن أرقم (أو عبد أو امرأة) كعائشة أو جارية مملوكة أو بنت صغيرة أو كافر (والدّماء لا تستباح) اراقتها (إلّا بعدلين) لكن يشكل هذا بتكذيب الله تعالى لهم في قوله وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وكذا في شهادة ابن أرقم والله تعالى أعلم (وعلى هذا) الاحتمال (يحمل أمر اليهوديّ) أي كلامهم (في السّلام) وفي نسخة في السام (وأنّهم) على دأبهم وعادتهم (لوّوا به ألسنتهم) بتشديد الواو الأولى وتخفيفها أي عطفوها وأمالوها والمعنى أنهم حرفوه (ولم يبيّنوه ألا ترى كيف نبّهت) النبي عليه الصلاة والسلام (عائشة رضي الله تعالى عنها) أي على ظن أنه عليه الصلاة والسلام ما تفطن لقولهم السام (ولو كان) أي المنافق أو اليهودي (صرّح بذلك لم تنفرد) عائشة من بين الصحابة (بعلمه) روي أنها قالت لهم عليكم السام والذام وفي رواية واللعنة فقال مهلا يا عائشة الم تسمعي ما أقول لهم فإن الله يستجيب لهم فيهم ولا يستجيب لهم في (ولهذا) أي لتنبيه عائشة (نبّه النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أصحابه على فعلهم) وكذا على كذبهم في قولهم (وقلّة صدقهم) المتين المبين (في سلامهم) لعدم إسلامهم (وخيانتهم في ذلك) أي في مقام كلامهم (ليّا بألسنتهم) أي تحريفا بها (وَطَعْنًا فِي الدِّينِ فَقَالَ إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سلّم أحدهم) أي على المسلمين (فإنّما يقول السّام عليكم) أي الموت (فقولوا عليكم) أو وعليكم كما تقدم والله تعالى اعلم وفيه أن الله سبحانه أخبر عنهم بقوله وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ فهذا ثبت بشهادة الله تعالى في حقهم فليس الحكم السابق مبنيا على إخبار عائشة فقط (وكذلك) أي مثل هذا المقول المرضي عند المنصف (قال بعض أصحابنا) أي من المالكية (البغداديون) بالرفع على أنه نعت بعض والبغداديين بالجر على أنه نعت أصحاب كالقاضي عبد الوهاب وابن خويز منداد وابن الجلاب (إنّ النّبي صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلِ الْمُنَافِقِينَ بِعِلْمِهِ فِيهِمْ) أي بمجرد علمه في حقهم (ولم يأت) أي في حديث من الأخبار ورواية من الآثار (أنه قامت بيّنة) أي ثبتت حجة (على نفاقهم) أي بخصوصهم وما ورد في الكتاب إنما هو مذكور لعمومهم سترا من الله في اسرارهم وكتما في أخبارهم وآثارهم (فلذلك تركهم) احياء على أحوالهم في ديارهم فاندفع ما اعترض الدلجي على المصنف بقوله وكفاك بينة عليه ما وردت به سورة المنافقين وبراءة من البحث عن اسرارهم وإظهار نفاقهم وأخبارهم (وأيضا) يقال في دفع الإشكال (فإنّ الأمر كان سرّا وباطنا) أي بالإخفاء والكتمان (وظاهرهم الإسلام والإيمان وإن كان) أحدهم (من أهل الذّمة بالعهد والجوار) بكسر الجيم وتضم أي الإمان فهو من