في مقاله (ولم يقصد سبّه) لاعتقاده كماله لكن صدر عنه مقاله (إمّا لجهالة) بنعوت جماله (حملته على ما قاله أو لضجر) بفتحتين أي قلق من أثر غم ناله (أو منكر) محرم أو غيره (أو قلّة مراقبة) في شأنه (وضبط) أي وقلة ضبط (للسانه وعجرفة) أي محازفة وقلة مبالاة في بيانه (وتهوّر في كلامه) أي سرعة في خلقه وجراءة في نطقه (فحكم هذا الوجه) الثاني (حكم الوجه الأوّل) وهو (القتل) أي قولا واحدا (دون تلعثم) أي توقف في بابه (إِذْ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ فِي الْكُفْرِ بِالْجَهَالَةِ) إذا معرفة ذات الله تعالى وصفاته وما يتعلق بأنبيائه فرض عين مجملا في مقام الإجمال ومفصلا في مقام الاكمال نعم إذا تكلم بكلمة عالما بمبناها ولا يعتقد معناها يمكن أن صدرت عنه من غير إكراه بل مع طواعيته في تأديته فإنه يحكم عليه بالكفر بناء على القول المختار عند بعضهم من أن الإيمان هو مجموع التصديق والإقرار فياجراءها يتبدل الإقرار بالإنكار أما إذا تكلم بكلمة ولم يدر أنها كلمة ففي فتاوى قاضيخان حكاية خلاف من غير ترجيح حيث قال قيل لا يكفر لعذره بالجهل وقيل يكفر ولا يعذر بالجهل أقول والأظهر الأول إلا إذا كان من قبيل ما يعلم من الدين بالضرورة حينئذ فإنه حينئذ يكفر ولا يعذر بالجهل أقول وفي الخلاصة من قال أنا ملحد كفر وفي المحيط والحاوي لأن الملحد كافر ولو قال ما علمت أنه كفر لا يعذر بهذا أي في القضاء الظاهر والله اعلم بالسرائر (ولا بدعوى زلل اللّسان) فيه أن الخطأ والنسيان وما استكره عليه الإنسان أن عذر في معرض البيان (ولا بشيء ممّا ذكرناه) مما يظن أنه يكون عذرا (إذا) وفي نسخة إذا (كان عقله في فطرته) أي خلقته وجبلته (سليما) بأن لا يكون مجنونا ولا خرفا سقيما (إلّا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) كما هو مبين في القرآن (وبهذا) الوجه الثاني (أفتى الأندلسيّون) بفتح الهمزة وضم الدال واللام بفتحهما أي المالكيون من علماء الأندلس وهو اقليم معروف من المغرب (على ابن حاتم) أي الطليطلي (في نفيه الزّهد) أي الاختياري (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وآله وسلّم الّذي قدّمناه) أي ذكره وأمره (وقال محمد بن سحنون) بفتح أوله ويضم ويصرف ولا يصرف (في المأمور) بأيدي الكفار (يسبّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) جملة حالية (في أيدي العدوّ) أي في تصرفهم أو فيما بينهم (يقتل إلّا أن يعلم تبصّره) أي حدوث دخوله في مذهب النصارى (أو إكراهه) أما الثاني فظاهر ويدل عليه قوله تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ روي أن بني المغيرة أخذوا عمارا وغطوه في بئر ميمون وقالوا له اكفر بمحمد فتابعهم على ذلك وقلبه كاره فأتى عمار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يبكي فقال عليه الصلاة والسلام ما ورائك قال شر يا رسول الله نلت منك وذكره قال كيف وجدت قلبك قال مطمئنا بالإيمان فجعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يمسح عينيه ويقول إن عادوا لك فعد لهم بما قلت وأما الأول فقد قال الحلبي هذا الكلام ينبغي أن يسأل عنه مالكية وقال الأنطاكي أي إلا أن يكون معروفا بالبصارة تمنعه بصارته ومعرفته عن الحوم