للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حول الحمى المنيع بالأمر الشنيع انتهى وفيه أن السب هنالك من غير أن يكره عليه في ذلك مناف للتبصر سواء يكون معروفا به أم لا وقال التلمساني وكأن النسخة عندهما بالباء الموحدة وإنما هي والله اعلم بالنون أي إلا أن يعلم تنصره ولا شك أن المالكية يقولون إذا تنصر طوعا ثم وقع منه سب أو لعن أو كلام يعيب به النبي أو قذفه أو استخف بحقه أو غير صفته أو الحق به نقصا ثم رجع إلى الإسلام أقول هنا بياض في الأصل ولم يعلم أن الحكم يقتل أو لا يقتل وعلى كل تقدير فيه إشكال أما على الأول فلأنه ينافي الاستثناء وسيأتي صريحا في كلام القاضي أنه يجب قتله وأما على الثاني فلأنه قد تقدم أن من سب النبي يقتل مسلما كان أو كافرا والذي يظهر لي أن المعنى إلا أن يعلم تنصره قبل ذلك وأنه ما صح إيمانه هنالك بأن كان منافقا أو مزورا أو مرائيا أو جاسوسا ثم لما أسر أظهر سبه عليه الصلاة والسلام ثم رجع إلى الإسلام فإنه حينئذ لا يقتل ففي مختصر العلامة خليل المالكي إلا أن يسلم الكافر قال شارحه المشهور بحلو لو اختلف في الذمي إذ سب أحدا من الأنبياء ثم اسلم هل يدرأ عنه القتل بإسلامه فقال مالك في الواضحة وَالْمَبْسُوطِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الحكم وأصبغ أن اسلم ترك قال أصبغ وسحنون لا يقال له اسلم ولكن إن اسلم فذلك له توبة وحكى القاضي أبو محمد في ذلك روايتن انتهى وأما على نسخة تبصره بالموحدة فلا يبعد أن يراد به الفرق بين المتبصر بالدين من العلماء المتقين وبين وبين الفسقة والجهلة بمراتب اليقين فإن الثاني يحتاج إلى العلم بإكراهه ببينة أو قرينة بخلاف الأول فإن الظن به في مقام يقينه أن لا يقع له سب إلا بعد تحقق إكراهه فيقبل قوله ويتفرع عليه إبانة امرأته منه وعدمها والله سبحانه وتعالى اعلم ومن فروع هذه المسألة عندنا لو قالت زوجة أسير تخلص أنه ارتد عن الإسلام وبنت منه فقال الأسير أكرهني ملكهم بالقتل على الكفر بالله تعالى ففعلت مكرها فالقول لها ولا يصدق الأسير إلا بالبينة (وَعَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُعْذُرُ بِدَعْوَى زَلَلِ اللِّسَانِ فِي مِثْلِ هَذَا) الشأن ولعل وجهه سد الذريعة لفساد أهل الزمان (وأفتى أبو الحسن القابسيّ) بكسر الموحدة (فيمن شتم النّبي صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِي سُكْرِهِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ يُظَنُّ بِهِ أنّه يعتقد هذا ويفعله) أي ويقول مثله (في صحوه) فإن كل إناء يترشح بما فيه وهذا بناء على سوء الظن به مع أنه لا يلزمه إذ السكران قد يقصد أمه وبنته ونحوهما في حال سكره مع أنه لا يظن به أنه يفعله حال صَحْوِهِ (وَأَيْضًا فَإِنَّهُ حَدٌّ لَا يُسْقِطُهُ السُّكْرُ كالقذف والقتل وسائر الحدود) الفارقة بين الحلال والحرام المانعة من قربان الحرام كالزنى والمترتب عليه كالرجم (لأنّه أدخله على نفسه) باجترائه على نبيه ما لا يليق به (لأنّ من شرب الخمر على علم) أي مع علمه بما يترتب عليها (مِنْ زَوَالِ عَقْلِهِ بِهَا وَإِتْيَانِ مَا يُنْكَرُ) صدوره (منه) بسببها (فهو كالعامد لما يكون بسببه) القتل (وعلى هذا ألزمناه الطّلاق) على خلاف فيه بين علماءنا والصحيح وقوعه تأكيدا لزجره (والعتاق والقصاص والحدود) كالقطع بالسرقة (ولا يعترض على هذا) الذي ذكره من أن السكران يؤخذ بما صدر عنه حال سكره (بحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>