للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكانته) أي من أظهر دليل يبين علو مرتبته ورفعة شأنه وعظمته (صلى الله تعالى عليه وسلم) لكل أحد عند ربه، (ودرأته) وقع بخط بعض الأكابر هنا درأ به على أنه فعل ماض وجار ومجرور أي دفع به والظاهر أنه تصحيف والصواب أنه بكسر الدال المهملة وسكون الراء وهمز وتاء أي ومن أبين ما يظهرها دفعه سبحانه (العذاب عن أهل مكّة بسبب كونه) أي وجوده المتضمن لكرمه وجوده فيهم لأنه بعث رحمة للعالمين (ثمّ كون أصحابه) بجر الكون عطفا على ما تقدم (بعده بين أظهرهم) أي بينهم وفي جوارهم فلفظ أظهرهم مقحم للمبالغة (فلمّا خلت مكّة منهم، عذّبهم) أي الله كما في نسخة (بتسليط المؤمنين عليهم) أي بتسليط رسوله إياهم وأبعد التلمساني حيث فسر التسليط بالقهر (وغلبتهم إيّاهم، وحكّم فيهم سيوفهم) بتشديد الكاف المفتوحة أي جعلها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حكما فيهم حدا وصفحا قتلا وقطعا وأسرا (وأورثهم أرضهم) أي مزارعهم (وديارهم) أي بيوتهم وحصونهم ومعاقلهم، (وأموالهم) أي نقدهم وأثاثهم ومواشيهم روي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم جعل عقارهم للمهاجرين فتكلم فيه الأنصار فقال لهم إن لكم منازلهم وروي أنه قال لهم أما ترضون أن الناس يرجعون بالأموال إلى بلادهم وأنتم ترجعون برسول الله إلى أهليكم وقال عمر رضي الله تعالى عنه أما تخمس كما خمست يوم بدر فقال صلى الله تعالى عليه وسلم لا إنما جعلت هذه لي طعمة وهذا صريح بأن مكة فتحت عنوة وعليه الإمام أبو حنيفة والأكثرون من أهل العلم وعن الإمام الشافعي أنها فتحت صلحا ومن ثمة كان يجيز إجارة دورها وبيعها بدليل حديث وهل ترك لنا عقيل من رباع لكن لا يخفى بعد وجه الاستدلال به وأبعد من قال فتح أعلاها صلحا وأسفلها عنوة، (وفي الآية) أي آية وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (أيضا تأويل آخر) وهو أن الضميرين راجعان إلى الكفار فيحتمل أن يكون وهم يستغفرون في موضع الحال بتقدير أن لو كان أي وما كان الله معذبهم وهم بحال توبة واستغفار من كفرهم لو وقع منهم واختاره الطبري وأن يكون إشارة إلى من سبق في علم الله أنه يؤمن منهم أو من ذريتهم أي وما كان الله معذبهم ومنهم من يخرج فيستغفر الله ويؤمن به واختاره الزجاج وأن يكون إشارة إلى قولهم في دعائهم غفرانك اللهم فجعله الله كما قال ابن عطية أمانا لهم من عذاب الدنيا كما قرره الدلجي والأظهر ما حرره المنجاني من أن التأويل الآخر الذي ذكره القاضي في هذه الآية مبني على أن الضميرين معا عائدان على المؤمنين لما أسنده القاضي من الحديث ليبينه به وهو قوله.

(حَدَّثَنَا الْقَاضِي الشَّهِيدُ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ بقراءتي عليه) وهو الحافظ ابن سكرة كما سبق (قال حدّثنا أبو الفضل بن خيرون) بالصرف وعدمه فعلون من الخير ضد الشر قد تقدم ذكره، (وأبو الحسين) بالتصغير على الصحيح، (والصّيرفيّ) وهو المبارك بن عبد الجبار وتقدم ترجمته، (قالا) أي أبو الفضل وأبو الحسين كلاهما، (حدّثنا أبو يعلى ابن زوج الحرّة) بضم حاء مهملة وتشديد راء وقد سبق، (حدّثنا أبو عليّ السّنجيّ) تقدم أنه بكسر

<<  <  ج: ص:  >  >>