أنه يعدل ويلك أما كان موسى راعيا أما كان داود راعيا والحديث في الكشاف وفيه دليل على جواز إطلاق اسم الراعي على الأنبياء وأن ذلك لا يستوجب التأديب إذا لم يقصد القائل به منقصة ولعل هذا الحديث لم يبلغ مالكا أو لم يصح عنده انتهى ولا يخفى أن الحديث إذا لم يصح عنده كيف يخفى عليه أن موسى عليه السلام رعى الغنم (قال) أي مالك (ولا ينبغي لأهل الذّنوب إذا عوتبوا) فيما صدر عنهم من خطأ في قول أو فعل (أن يقولوا) في جواب العتاب (قد أخطأت الأنبياء قبلنا) فإن هذا خطأ من وجوه إذ لا يقاس الحدادون بالملائكة فإن خطأ الأنبياء ما كانت إلا زلات نادرة في بعض أوقات تسمى صغائر بلا خلاف الأولى بل حسنات بالنسبة إلى سيئات غيرهم وهي مع هذا ممحوة بتوبة عقيبها وتحقيق قبولها كما أخبر الله تعالى بها بخلاف ذنوب الأمم فإنها شاملة للكبائر وغيرها عمدا وخطأ واستمرارا وعلى تقدير توبتهم لا يعرف تحقق شروط صحتها وقبولها بل ولا يدري خاتمة أمر صاحبها بخلاف الأنبياء فإنهم معصومون من الإصرار على المعصية ومأمونون من سوء الخاتمة فلا تصح هذه المقايسة، (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِرَجُلٍ انْظُرْ لَنَا كَاتِبًا يَكُونُ أَبُوهُ عَرَبِيًّا فَقَالَ كَاتِبٌ لَهُ: قَدْ كَانَ أَبُو النَّبِيِّ كَافِرًا. فَقَالَ جَعَلْتَ هَذَا مَثَلًا فَعَزَلَهُ وَقَالَ لَا تَكْتُبْ لي أبدا) وهذا يوافق ما قال إمامنا في الفقه الأكبر أن والدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ماتا على الكفر وقد كتبت في هذه المسألة رسالة مستقلة ودفعت فيها ما ذكره السيوطي من الأدلة على خلاف ذلك في رسائله الثلاث لكي لا يجوز أن يذكر مثل هذا في مقام المعيرة (وَقَدْ كَرِهَ سُحْنُونٌ أَنْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ التَّعَجُّبِ إِلَّا عَلَى طَرِيقِ الثّواب) أي قصده (والاحتساب) أي طلب الأجر (توقيرا له وتعظيما كما أمرنا الله) بقوله صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (وَسُئِلَ الْقَابِسِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ قَبِيحٍ) أي صورته (كأنّه وجه نكير) هو أحد ملكي سؤال القبر والآخر منكر وإنما سميا بذلك لأنهما يأتيان العبد بهيئة منكرة وصورة مغيرة امتحانا من الله لعبده في المقبرة، (ولرجل) أي أو قال رجل لرجل (عبوس) أي وجهه وجبينه (كأنّه) أي وجهه (وجه مالك الغضبان) على أهل العصيان وهو خازن النار قال تعالى وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ وروي ملك بدون الألف وصوابهما أن يكونا بالتنوين وغضبان نعتهما (فقال) أي القابسي (أيّ شيء) بالرفع ويجوز نصبه أي ما الذي (أراد بهذا) الكلام (ونكير أحد فتّاني القبر) بتشديد الفوقية أي أحد الممتحنين في القبر والجملة معترضة حالية وكذا قوله (وهما) أي نكير ومنكر أو نكير ومالك (ملكان) من جملة الملائكة المقربين ولما طال الفصل بالجملتين أعاد الكلام بقوله (فما الّذي أراد أروع) بفتح الراء أي أخوف وأفزع (دخل عليه) أي على القائل (حين رآه) أي المقول له وفي نسخة إذ رآه (من وجهه) متعلق بدل أي من جهة هيبه وجهه (أم عاف النّظر إليه) أي كره رؤيته لديه ووقوع بصره عليه وفي نسخة عاب بدل عاف (لدمامة خلقه) بالدال المهملة وقيل بالمعجمة أي حقارة صورته (فإن كان) مراد (هذا) أي القصد الثاني (فهو شديد) في التنكير (لأنّه جرى