للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجرى التّحقير والتّهوين) الذي يوجب التكفير وفي نسخة التوهين (فهو) أي هذا القائل بهذا المعنى وفي نسخة فهذا (أشدّ عقوبة) أي يستحق أن يعاقب أشد عقوبة من القائل بالمعنى الأول (وليس تصريح بالسّبّ للملك) وإلافكان موجبه القتل (وإنّما السّبّ واقع على المخاطب) إلا أنه يستحق التأديب لما في تشبيهه من قلة الأدب (وفي الأدب بالسّوط) أي بالضرب به (والسّجن) أي حبسه (نكال) أي عبرة (للسّفهاء) وعقوبة تمنعهم عن مثل هذه الاشياء فإن السجن قبر الأحياء ومن أحسن ما قيل في باب السجن قول بعضهم:

خرجنا من الدنيا ونحن من أهلها ... فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى

إذا جاءنا السجان يوما لحاجة ... فرحنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

ونفرح بالدنيا فجل حديثنا ... إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا

ثم من ألفاظ الكفر رجل قال لغيره رؤيتك عندي كرؤية ملك الموت وقد اختلف علماؤنا فيه فقال أكثرهم يكون كفرا وقال بعضهم أن قال ذلك لعداوة ملك الموت يصير كافرا ون قال ذلك لكراهة الموت لا يصير كافرا كذا في فتاوى قاضيخان وهذا الأخير هو الصحيح ودليله قوله تعالى مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (قال) أي القابسي (وَأَمَّا ذَاكِرُ مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ فَقَدْ جَفَا الّذي ذكره) أي غلظ طبعه وقل أدبه حيث تفوه بقوله وجه مالك الغضبان وضبطه الدلجي بالهجرة وفسره برمي (عند ما أنكر حاله) وفي نسخة عند ما رأي (من عبوس الآخر) وهو المقول له (إلّا أن يكون المعبّس) بتشديد الموحدة المسكورة (ممن له يد) أي تصرف سلطنة وقدرة عقوبة (فيرهب) بصيغة المجهول مخففا ومشددا أي فيخاف وقال الحلبي يرهب رباعي مبنى للفاعل أي يخيف والأظهر أنه ثلاثي بصيغة الفاعل أي فيخاف ويفزع (بعبسته) بفتحتين وفي نسخة بضم فسكون وفي نسخة بعبوسه (فيشبّهه) وفي نسخة فشبهه (القائل على طريق الذم) أو المدح أو الخوف أو المزح (لهذا) الذي له يد (في فعله) أي من إظهار سوء خلقه (ولزومه في ظلمه صفة مالك) أي خازن النار (الملك) المعظم المطاع (المطيع لربّه في فعله) إذ هو ممن قال فيهم عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (فيقول كأنّه لله يغضب غضب مالك) خازن النار فيه حينئذ لا يظهر وجه الذم (فيكون) قوله ذلك حينئذ (أخفّ) مما قبله (وما كان ينبغي) مع ذلك (له التّعرّيض) وفي نسخة التعرض (بمثل هذا) التشبيه وهو قوله كأنه وجه مالك الغضبان (ولو كان) هذا القائل (أَثْنَى عَلَى الْعَبُوسِ بِعُبْسَتِهِ وَاحْتَجَّ بِصِفَةِ مَالِكٍ) خازن النار (كان) قوله ذلك (أشدّ) من ذلك الأخف (ويعاقب) عليه (المعاقبة الشّديدة) وفيه بحث حيث جعل مقام الثناء والمدح أشد من مقال الذم والقدح (وليس في هذا) الذي ذكرناه من تأويل قررناه (ذمّ للملك) أي أصلا (ولو قصد ذمّه لقتل) لأنه كفر به وأخطأ الدلجي في قوله قتل حدا لا كفرا لأن كفرة وقتله مجمع عليه وإنما يكون قتله حدا عند المالكية إذا تاب والله تعالى اعلم بالصواب (وقال أبو الحسن) أي القابسي (أيضا في

<<  <  ج: ص:  >  >>