للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شابّ معروف بالخير) أي الصلاح (قال لرجل شيئا) من الكلام (فقال الرّجل) أي له (اسكت) زجرا له عما قال (فإنّك أمّيّ) أي مغفل لا تفرق بين الخير والشر أو عامي ما قرأت شيئا من العلم وعند الفقهاء هو من لا يحسن الفاتحة ومن معانيه منسوب إلى الأم أي على أصل ولادته من غير اكتساب في قراءته وكتابته أو منسوب إلى أم القرى وهي مكة وما حولها أو منسوب إلى الأمة بمعنى الجماعة (فَقَالَ الشَّابُّ أَلَيْسَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم أمّيّا فشنّع عليه) بصيغة المجهول مشددا أي قبح وذم (مقاله وكفّره النّاس) أي عامتهم فتغير له الحال (وأشفق الشّابّ) أي خاف على نفسه ودينه (ممّا قال وأظهر النّدم) أي الندامة والتوبة (عليه) من ذلك لسوء المقال (فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا إِطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ فخطأ لكنّه مخطىء في استشهاده) أي استدلاله بكونه أميا (بصفة النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) حيث لم يفرق بين الأميين كما بينه المصنف بقوله (وكون النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أمّيّا آية له) أي معجزة وكرامة كما قال تعالى وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (وكون هذا) الشاب وغيره (أمّيّا نقيصة فيه وجهالة) أي في حقه وقال الدلجي وجهالة برفيع محله عليه الصلاة والسلام (وَمِنْ جَهَالَتِهِ احْتِجَاجُهُ بِصِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) دفع جهالته عن نفسه (لكنّه إذا استغفر وتاب واعترف) بأنه مخطئ في هذا الباب (ولجأ إلى الله تعالى) على طريق الاضطراب (فيترك) عن العقاب وفي نسخة ترك (لأنّ قوله) أليس كان النبي أميا (لا ينتهي إلى حدّ القتل) أي إلى حد يوجب القتل وإنما يوجب التعزير والتأديب (وما طريقه) أي موجبه (الأدب فطوع فاعله) أي فانقاد فاعله الأعم من قائله (بالذّم عليه يوجب الكفّ عنه) أي بعدم التعرض له بسوء وفي الخلاصة روي عن أبي يوسف أنه قيل بحضرة الخليفة إن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يحب القرع فقال رجل أنا لا أحبه فأمر أبو يوسف بإحضار النطع والسيف فقال الرجل استغفر الله مما ذكرته ومن جميع ما يوجب الكفر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتركه ولم يقتله وتأويل هذا أنه قال بطريق الاستخفاف وإلا فالكراهة الطبيعية ليست داخلة تحت الأعمال الاختيارية ولا يكلف بها أحد في القواعد الشرعية (ونزلت أيضا مسألة) أي وردت (استفتى فيها) أي طلب الجواب عنها (بعض قضاة الأندلس) وفي نسخة بعد أي بعد هذه القضية فيرفع قضاة الأندلس لأنه فاعل والمفعول على كل تقدير (شَيْخَنَا الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ مَنْصُورٍ رَحِمَهُ الله في رجل تنقّصه آخر بشيء) من الكلام وفي أصل الدلجي بشيء من القول (فقال له إنّما تريد نقضي بقولك) لي ذلك (وأنا بشر وجميع البشر يلحقهم النّقص) أي البشري (حتّى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم) بالرفع ويجوز نصبه وجره (فأفتاه بإطالة سجنه) أي حبسه مدة طويلة (وإيجاع أدبه) حال ضربه (إذ لم يقصد السّبّ) وإلا فيحكم بقتله لكفره (وكان بعض فقهاء الأندلس أفتى بقتله) أخذا له بظاهر قوله زجرا له ولغيره ولعل هذا كله مبني على السياسة وسد باب الذريعة وإلا فالمخلوق من حيث هو مخلوق خرج من العدم إلى الوجود

<<  <  ج: ص:  >  >>