للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلالته رؤي طائفا بالبيت المكرم يقول فلان كذاب فلان وضاع في روايته (فكيف بمثل هذا) المقام الذي يجب فيه القيام وقد قال الجويني في قوله عليه الصلاة والسلام من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار أن الكذب عليه عمدا كفر وهو حديث مشهور بل قيل إنه متواتر (وَقَدْ سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ عن الشّاهد) الواحد (يسمع مثل هذا) الكلام المرتب عليه الملام (في حقّ الله تعالى) أو حق نبيه عليه الصلاة والسلام (أيسعه أن لا يؤدّي شهادته) عند حاكم ليؤدبه بحسب ما تقتضي حالته ومقالته (قال) أي ابن أبي زيد (إن رجا) أي السامع بمعنى أنه ترجح عنده أن (نفاذ الحكم) بفتح النون والفاء وبالذال المعجمة أي تنفيذه وروي انفاذ الحكم أي اجراؤه وامضاؤه (بشهادته فليشهد) أي وجوابا (وَكَذَلِكَ إِنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَرَى القتل ما شهد به) هذا السامع (ويرى الاستتابة) أي طلب توبته (والأدب) أي مع ذلك كما في مذهب مالك (فليشهد) هنالك (ويلزمه) على سبيل الوجوب (ذلك وأمّا الإباحة لحكاية قوله) المشتمل على كفره (لغير هذين المقصدين) المتقدمين (فلا أرى لها) أي للحكاية (مدخلا في هذا الباب) على سبيل الإباحة (فليس التّفكّه) أي التفوه من غير غرض شرعي (بعرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والتّمضمض) بالضادين المعجمتين أي التحرك والكثر (بسوء ذكره لأحد) وأما قول التلمساني ومن معاني التمضمض الاكثار وهو بعيد لأن الإكثار والإقلال في هذا سواه فمدفوع لأن الإقلال لما يترتب عليه الحكم من القتل والتعزير والجرح والتحذير متعين كما تقدم وإنما الاكثار لا يترتب عليه فائدة هو الممنوع (لا ذاكرا) أي لفظه مطلقا (ولا آثرا) أي حاكيا ونافلا اتفاقا (لغير غرض شرعيّ بمباح) خبر ليس بل أنه حرام أو مكروه (وأمّا للأغراض المتقدّمة) كالشهادة والرد والنقض (فمتردّد) بفتح الدال الأولى مشددة أي فموضع تردد (بين الإيجاب والاستحباب) والأول أولى والله تعالى اعلم بالصواب (وَقَدْ حَكَى اللَّهُ تَعَالَى مَقَالَاتِ الْمُفْتَرِينَ عَلَيْهِ) أي الكذابين على الله (وعلى رسوله في كتابه) بالإكثار (على وجه الإنكار لقولهم) أي لمقول الكفار (والتّحذير) أي ولتحذير غيرهم (من كفرهم والوعيد عليه) أي على أمرهم (وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِمَا تَلَاهُ اللَّهُ عَلَيْنَا) فِي لسان رسوله المعظم (في محكم كتابه) المكرم (وكذلك وقع من أمثاله) أي أمثال ما تلي علينا بالعبارة الصريحة (في أحاديث النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم الصّحيحة على الوجوه المتقدّمة) من الإنكار والتحذير والوعيد وغيرها (وأجمع السّلف) المتقدمون (والخلف) المتأخرون (من أئمّة الهدى) وهم العلماء العاملون (على حكايات مقالات الكفرة والملحدين) أي على ذكرها (في كتبهم ومجالسهم) حال التدريس والوعظ (ليبيّنوها للنّاس) مما خفي لديهم (وينقضوا شبهها عليهم) جمع شبهة بمعنى شك وريبة (وَإِنْ كَانَ وَرَدَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِنْكَارٌ لبعض هذا) الذي ذكر (على الحارث بن أسد) المحاسبي بما حكاه في كتاب الرعاية (فَقَدْ صَنَعَ أَحْمَدُ مِثْلَهُ فِي رَدِّهِ عَلَى الجهميّة) طائفة من أصحاب جهم بن صفوان من المبتدعة بل من الكفرة المخترعة وأصله من سمرقند ومن مذهبه القول بأن الجنة والنار يفنيان وأن الإيمان هو المعرفة فقط

<<  <  ج: ص:  >  >>