للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون الإقرار وسائر الطاعات وأنه لا فعل لأحد غير الله وأن العباد فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجرة تحركها الرياح باختلاف الأحوال فالإنسان عنده لا يقدر على كسب شيء من أعماله وإنما هو مجبر في أفعاله لا قدرة له ولا ارادة ولا اختيار في الحسنات والسيئات وإنما يخلق الله تعالى فيه الأفعال على حسب ما يخلق في الجمادات أدرك صغار التابعين قال الذهبي ما علمته روي شيئا لكنه زرع شرا عظيما انتهى وأخذ ذلك عن السمنية وهم دهرية ولما شككوه في أمره ترك الصلاة أربعين يوما وقال لا اعبد من لا أعرف (والقائلين) أي وعلى القائلين (بالمخلوق) أي بالقرآن المخلوق وهو قول المعتزلة أو بالعمل المخلوق للإنسان أي هو يخلقه وهو قول المعتزلة والقدرية أو بالمخلوق القديم على أن المخلوق بمعنى الخلق ومعناه أنه قديم وهو قول الفلاسفة والدهرية والأقوال الثلاثة كلها باطلة أما قدم العالم فهو بين اعدام الموجد وبين الشركة وكلاهما كفر بالإجماع وأما خلق الأفعال فهو كقول المجوس في أن خالق الضوء غير خالق الظلمة لكنه يغاير قولهم بأنهم من الثنوية وهؤلاء من أرباب التوحيد في الألوهية وأما خلق القرآن فإنهم لما أنكروا الكلام النفسي قالوا ذلك ففي التحقيق لا خلاف هنالك وإنما ابتدعوا من حيث إنكار الكلام النفسي وإلا فالقرآن من حيث إنه مكتوب بأيدينا ومقروء بألسنتنا ومحفوظ بصدورنا فلا شك أنه مخلوق بحسب اللفظ والمبنى إلا أنه يجب أيضا صيانته عن أن يقال إنه مخلوق بهذا المعنى وأما ما ذكره العلامة التفتازاني في شرح العقائد من حديث القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قاله إنه مخلوق فهو كافر بالله العظيم قال الصغاني هو موضوع وقال السخاوي وهذا الحديث من جميع طرقه باطل هذا ولا يبعد أن يجمع بين صنيع أحمد وإنكاره على المحاسبي بأن المحاسبي ذكر أدلة المبتدعة ثم ردهم بأدلة أهل السنة بخلاف أحمد حيث لم يلتفت إلى شبهاتهم بل رد عليهم بالأدلة العقلية والنقلية بطلان عقيداتهم (وهذه الوجوه) المتقدمة (السّائغة) بالسين المهملة والغين المعجمة أي الجائزة وهي مرفوعة (الحكاية) بالجر والرفع أي الرواية (عنها) من مقالات الكفرة والفجرة ومن نحا نحوها (فأمّا ذكرها على غير هذا) النمط (من حكاية سبّه والإزراء) وروي الإزدراء (بمنصبه على وجه الحكايات) في المحاورات أو الاسفار (والأسمار) جمع سمر بفتحتين ويسكن وهو حديث الليل وأصله في ظل القمر ويجوز كسر همزة على أنه مصدر اسمر إذا تحدث بالليل مطلقا فهو تخصيص بعد تعميم (والطّرف) بضم المهملة وفتح الراء وفي آخره الفاء جمع طرفة وهو ما يستظرف ويستجاد من المقال والمال (وأحاديث النّاس) أي كلماتهم المتحدث بها للاستئناس (ومقالاتهم) بحسب اختلاف حالاتهم (في الغثّ) بفتح المعجمة وتشديد المثلثة أي الهزيل (والسّمين) وهما كنايتان عن الضعيف والقوي أو الباطل والصحيح ومنه قول ابن عباس لابنه على الحق بابن عمك يعني عبد الملك بن مروان فغثه خير من سمين غيره (ومضاحك المجّان) بضم الميم وتشديد الجيم جمع ماجن وهو من لا يبالي بكلامه في اللهو والسخرية

<<  <  ج: ص:  >  >>