لفظ أنا أمنة لأصحابي وهو حديث صحيح رواه مسلم عن سعيد بن بردة عن أبيه عن أبي موسى قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء فخرج علينا فقال: ما زلتم هنا قلنا: نعم فقال: أجدتم أو أحسنتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي وأمتي ما يوعدون قال المنجاني وفي لفظ هذا الحديث أمنة وفي الحديث الذي ذكره القاضي أمان ولعلهما روايتان في الحديث أقول أو نقل القاضي بالمعنى مع قرب المبنى إذ الأمنة بضم الهمزة والميم والأمن والأمان بمعنى واحد على ما ذكره المنجاني والظاهر أنه بفتحهما على ما في القاموس هذا ولعله صلى الله تعالى عليه وسلم أراد بذهاب النجوم انتثارها لقوله تعالى وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وبإتيان السماء ما توعد انفطارها وتبديلها كما قال تعالى يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وبإتيان أصحابه ما يوعدون ما أنذرهم به من الفتن والارتداد وبإتيان أمته ما يوعدون ما أخبرهم به من ظهور البدع واختلاف الآراء والهرج وغلبة الروم وتخريب الكعبة وغير ذلك مما وقع أكثره وبقي ما لا بد من وقوعه وبكونه أمانا لأصحابه: (قيل من البدع) فلم يكن منهم من ارتكب بدعة بشهادة حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، (وقيل من الاختلاف، والفتن) قال الدلجي وفيه ما فيه لكن يلزمنا الكف عما جرى بينهم بصدوره منهم اجتهادا بتأويلات صحيحة للمصيب أجران على اجتهاده وإصابته وللمخطئ أجر على اجتهاده بشهادة حديث الشيخين أن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد انتهى وفيه ما فيه لأن ما جرى بينهم ما جرى منهم إلا بعد غيبته صلى الله تعالى عليه وسلم عنهم وارتفاع الأمان منهم وليس معنى قوله أمان لأصحابي أنهم في أمن من الفتنة إلى آخر أعمارهم بل مقيد بمدة كونه فيهم ولذا قال وإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. (قال بعضهم: الرّسول صلى الله تعالى عليه وسلم هو الأمان الأعظم) أي لا غيره وإن كان أصحابه أيضا أمانا (ما عاش وما دامت سنّته) أي المستمرة المعتادة له (باقية) أي ثابتة موجودة وهي بالنصب خبر دام وما شرطية جزاؤها قوله (فهو باق) أي فهو صلى الله تعالى عليه وسلم باق حكما لبقاء حكمه في أمته (فإذا أميتت سنّته) أي عدمت وفنيت وتركت ولم يعمل بها أو عمل بخلافها (فانتظروا البلاء والفتن) الخطاب عام لما في نسخة فانتظروا البلاء وكان الأولى أن يقال فينتظر البلاء والفتن أي المحن الدنيوية والفتن الدينية وقيل المعنى فإذا أميتت سنته بموت أهلها فانتظروا البلاء والفتن بدليل حديث أن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم أو لم يبق عامل اتخذ الناس رؤساء جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا (وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب: ٥٦] الآية) تقدم بعض الكلام عليها؛ (أبان الله تعالى) أي أظهر وبين (فضل نبيّه