صلى الله تعالى عليه وسلم بصلاته عليه) أي أولا تعظيما (ثمّ بصلاة ملائكته) أي ثانيا تكريما (وأمر عباده بالصّلاة والتّسليم عليه) أي بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وفي نسخة وأمر عباده بالجر والإضافة عطفا على صلاته أي وبأمر عباده بهما عليه ثالثا بأن يقولوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ الخ على ما ورد في حديث الصلاة أو بأن يقولوا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ كما في حديث التشهد وذلك يدل على وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة كلما ذكر لحديث رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ علي فدخل النار فأبعده الله وجوز الصلاة على غير ملك ونبي تبعا ويكره استقلالا لكونها في العرف شعارا لذكر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن ثمة كره أن يقول محمد عز وجل وإن كان عزيزا جليلا وقيل المراد بالتسليم هو الانقياد لأوامره (فالصلاة) أي مطلقا (من الملائكة ومنا) أي بني آدم (له دعاء) لحديث إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب وإن كان صائما فليصل أي فليدع ووقع في شرح الدلجي من الملائكة استغفار وهو الملائم لقوله وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا والظاهر أن الاستغفار على ظاهره وقوله تعالى وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ عام اريد به خصوص المؤمنين إذ لا يجوز الاستغفار للكافرين إلا بقصد طلب إيمانهم المستلزم استحقاق المغفرة في شأنهم وقال الدلجي أي بسعيهم فيما يستدعي المغفرة من شفاعة وإلهام وإعداد الأسباب المقربة إلى الطاعة وذلك في الجملة يعم المؤمن والكافر وحيث خص به صلى الله تعالى عليه وسلم فالمراد به السعي فيما يليق بجنابه (ومن الله تعالى رحمة) أي رحمة عظيمة أو رحمة خاصة جسيمة والمراد من الرحمة الإحسان وإرادة الانعام لاستحالة معناها الذي هو رقة القلب في حق الرب سبحانه وتعالى (وقيل يصلون) أي معناه (يباركون) من البركة وهي كثرة الخير أي يكاثرونه ويزايدونه عليه ذكره الدلجي والظاهر أن معنى يباركون يدعون له بالبركة في ذاته وصفاته وأهل بيته واتباعه من أمته وحيث كانت المغايرة ظاهرة بين الصلاة والبركة قال المصنف (وقد فرق النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حين علم) أي أصحابه (الصلاة عليه بين لفظ الصلاة والبركة) في حديث قد أمرنا أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك فقال قولوا اللهم صلى عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبراهيم إنك حميد مجيد والأظهر أن يراد بقوله يصلون يعظمون ويثنون عليه ليشمل جميع الألفاظ الواردة التي من جملتها الترحم ونحوه (وسنذكر حكم الصلاة عليه) أي هل هو فرض أو سنة وهل هو فرض عين أو كفاية وما يتعلق بالمسألة من الفروع والأدلة (وقد حكى أبو بكر بن فورك) بضم الفاء وفتح الراء وهو غير منصرف للعلمية والعجمة وقيل منصرف هو إمام جليل فقها وأصولا وكلاما ونحوا ووعظا مع جلالة وورع زائد ومهابة وهو أصبهاني ومات شهيدا بالسم في سنة ست وأربعمائة ونقل إلى نيسابور ودفن بها قال ابن عبد الغفار يستجاب الدعاء عنده (أنّ بعض العلماء تأوّل) أي