للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسر (قوله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ على هذا) أي على هذا المعنى. (أَيْ فِي صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ وَمَلَائِكَتِهِ وأمره الأمّة بذلك) أي بالصلاة عليه كما في نسخة (إلى يوم القيامة) واعلم أن قوله وقد حكي إلى هنا لم يثبت في الأصل الذي هو خط المؤلف القاضي وثبت في الأصل المروي عن أبي العباس الغرقي ثم اعلم أن القرة بمعنى السرور والفرحة وأصلها من القر بمعنى البرد يقال أقر الله عينه أي ابرد الله دمعته لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة ثم أكثرا لأقوال وأظهرها أنها الصلاة الشرعية لما فيها من المناجاة وكشف المعارف وشرح الصدر وسيأتي الكلام بعد إن شاء الله تعالى. (وذكر بعض المتكلّمين) أي من المفسرين (في تفسير حروف كهيعص (١) [مريم: ١] أنها مأخوذة من كفاية الله وهدايته وتأييده وعصمته وصلاته عليه فزعم (أنّ الكاف من كاف) اسم فاعل من كفى يكفي (أي كفاية الله لنبيّه عليه الصلاة والسلام قال) أي الله سبحانه وتعالى (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ [الزمر: ٣٦] ) واستفهامه لإنكار النفي مبالغة في اثبات كفايته له والمراد بعبده عبده الخاص وهو محمد صلى الله تعالى عليه وسلم فالإضافة شخصية والمراد به الفرد الأكمل والإضافة للجنس أو المراد جميع عباده أو خواصهم من انبيائه وأوليائه وينصره قراءة حمزة والكسائي عباده بلفظ الجمع وهو صلى الله تعالى عليه وسلم يدخل فيهم دخولا أوليا وقيل في الكاف إشارة إلى أنه الكافي في الإنعام والانتقام لعموم الأنام وقيل الكاف إشارة إلى أنه الكاتب على نفسه الرحمة (والهاء) بالنصب ويجوز رفعه (هدايته له) أي هداية الله لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وكان الأنسب أن يقال والهاء من هادي أي هِدَايَتُهُ لَهُ (قَالَ: وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً [الْفَتْحِ: ٢] ) أي يدلك بلطفه إلى طريق دينه أو إلى تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرياسة (والياء تأييده له قال أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ [الأنفال: ٦٢] ) أي قواك بنصرته على اعدائك والأولى أن يقال الياء إشارة إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ أو إيماء إلى يسر المنحة بعد المنحة أو إلى يده المبسوطة بالرحمة على نبي هذه الأمة أصالة وعلى أتباعه تبعية لئلا يرد عليه ما ذكره المنجاني من أن صاحب هذا القول إن أراد أن هذه حروف أخذت من أوائل هذه المصادر على ما تقدم من اقتصار العرب على أول حرف من الكلمة فإن لفظ التأييد ينقض عليه لأن فاءه همزة لا ياء وإنما الياء عينها وإن أراد أنها أحرف أخذت من هذه المصادر سواء كان كل حرف منها فاء الكلمة أو عينها فهو قول خارج عن القياس الصناعي (والعين عصمته له قال تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: ٦٧] ) أو إشارة إلى علمه بحاله في سره وجهره قال عز وعلا وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (والصّاد صلاته عليه قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب: ٥٦] ) أي يثنون شأنه ويعظمون برهانه أو إيماء إلى اسمه الصادق في وعده والصبور في وعيده ثم اعلم أن أوائل الصور على القول المعتبر من المتشابه الذي لا يعلم حقيقته والمراد به إلا الله سبحانه وتعالى وقيل إشارة للإعجاز بالقرآن وقيل إشارة لأسماء الله وقيل

<<  <  ج: ص:  >  >>