للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنبل وابن معين وغيرهم وقد روي الشافعي عن محمد عن أبي يوسف وكان قد سكن ببغداد وتولى القضاء بها لثلاثة من الخلفاء المهدي وابنه الهادي ثم هارون الرشيد وكان الرشيد يكرمه ويجله قال ابن خلكان هو أو من دعي بقاضي القضاة ويقال إنه أول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها الآن وكان ملبوس الناس قبل ذلك شيئا واحدا لا يتميز أحد عن أحد بلباس قال ولم يختلف يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني في ثقته في النقل وكان كثير الحديث انتهى ولد سنة ثلاث عشرة ومائة وتوفي يوم الخميس أول وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد وابنه يوسف الذي يكنى به ولي القضاء في حياة أبيه ومات سنة اثنتين وتسعين ومائة وبلغ من العمر تسعا وستين سنة وأما قول التلمساني قالوا أبو يوسف أبو حنيفة أي سيد مسده ويغني عنه فليس في محله لأن أبا يوسف حسنة من حسنات أبي حنيفة وفضله وإنما هو تشبيه بليغ كما يقال زيد أسد أي كأسد فالمعنى أن أبا يوسف كأبي حنيفة ومن المعلوم أن المشبه به أقوى من المشبه ولا يلزم من التشبيه المساواة من جميع الشبه ثم المعتمد في المذهب أنه تقبل توبته ولا يقتل وأما قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً كاليهود كفروا بعيسى والإنجيل بعد الإيمان بموسى والتوراة ثم أزدادوا كفرا بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن الميجد أو كفرا بمحمد قبل مبعثه ثم ازدادوا كفرا بالإصرار والعناد والطعن فيه أو لقوم أرتدوا ولحقوا بمكة ثم ازدادوا كفرا بقولهم نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ لا يتوبون أو لا يتوبون إلا إذا أشرفوا على الهلاك فكني عن عدم توبتهم بعدم قبولها وذلك لما سبق في قوله تعالى كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ إلى أن قال إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وعن ابن عباس أن قوما اسلموا ثم ارتدوا ثم اسلموا ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون فنزلت رواه البزار وقال ابن كثير إسناده جيد (وحكى ابن المنذر) وهو الإمام الحافظ المشهور (عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه يستتاب) أي الزنديق، (قال محمّد بن سحنون ولم يزل) بفتح أوله وضم ثانيه أي لم يرتفع (الْقَتْلُ عَنِ الْمُسْلِمِ بِالتَّوْبَةِ مِنْ سَبِّهِ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ مِنْ دِينٍ) هو حق (إلى غيره) وهو دين باطل وهذا غريب من قائله إذ لا شبهة أنه انتقل بسبه عليه الصلاة والسلام من دين الإسلام وما عداه باطل بإجماع الإعلام (وَإِنَّمَا فَعَلَ شَيْئًا حَدُّهُ عِنْدَنَا الْقَتْلُ لَا عَفْوَ فِيهِ لِأَحَدٍ كَالزِّنْدِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ من ظاهر إلى ظاهر) أي بل إلى باطن وفساد هذا التعليل أيضا ظاهر؛ (وقال القاضي أبو محمّد) أي عبد الوهاب (بن نصر) أي البغدادي المالكي (محتجّا لسقوط اعتبار توبته) أي توبة من سبه عليه الصلاة والسلام (وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى على مشهور القول باستتابته) أي استتابة من سبه تعالى (أنّ النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ وَالْبَشَرُ جِنْسٌ تَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ) بتشديد الراء أي الكراهة والمشقة (إلّا من أكرمه الله بنبوّته) هذا استثناء غريب لا يظهر وجه اتصاله ولا انفصاله اللهم إلا أن يراد بالمعرة

<<  <  ج: ص:  >  >>