للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سريرته إلى عالم السرائر كما يشير إليه قوله عليه الصلاة والسلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وحسابهم على الله (وبقي حكم السّبّ عليه) عند المالكية فيقتل حدا لا كفرا وأما عند غيرهم فحكم السب هو الكفر وارتفع بتوبته ورجوعه إلى شريعته، (وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْقَابِسِيُّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ، لِأَنَّ السَّبَّ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الّتي لا تسقط عن المرتدّ) فلا يستتاب لردته كذا قال والأولى على مقتضى مذهبهم أيضا القول باستتابته لتنفعه توبته عند ربه وإن كان يقتل حدا أن تاب عندهم (وكلام شيوخنا هؤلاء) المالكية المذكورين (مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِقَتْلِهِ حَدًّا لَا كُفْرًا وهو يحتاج إلى تفصيل) فإن من سبه بما لا يقتضي كفرا قتل حدا وكذا أن سبه بما يقتضيه وتاب وإلا قتل كفرا كذا ذكره الدلجي وهو خطأ فاحش لأن سبه بما لا يقتضي كفرا لا يتصور أصلا فإن مطلق سبه كفر قطعا. (وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مالك ومن وافقه) أي مالكا أو الوليد (على ذلك ممّن ذكرناه) فيما مر (وقال به من أهل العلم) أي كثيرون (فقد صرّحوا بأنّه) أي سبه عليه الصلاة والسلام (رِدَّةٌ قَالُوا وَيُسْتَتَابُ مِنْهَا فَإِنْ تَابَ نُكِّلَ) بصيغة المجهول أي عوقب عبرة لغيره إذ النكال العقوبة التي تنكل الناس أي تمنعهم عن فعل ما جعلت له جزاء وهذا عندهم أيضا (وإن أبى) أي امتنع عن التوبة (قتل) إجماعا (فحكم له) أي مالك للساب (بحكم المرتدّ مطلقا) بوجوب استتابته وقبولها مطلقا (في هذا الوجه) الذي رواه الوليد عن مالك ووافقه عليه غيره ووقع في أصل الدلجي الزنديق بدل المرتد والظاهر أنه خطأ (والوجه الأوّل أشهر) من رواية الوليد (وأظهر لما قدّمناه) من أنه يقتل حدا لا كفرا إن تاب وأخطأ الدلجي في قوله هنا وإن تاب لأن مفهومه أنه إذا لم يتب يقتل حدا لا كفرا وهو خلاف الإجماع (ونحن نبسط الكلام فيه) أي في سبه عليه الصلاة والسلام (فنقول من لم يره ردّة) أي ارتدادا عن الإسلام وهو بعيد عن مقام النظام (فهو يوجب القتل فيه) أي به (حدّا) أي لا كفرا (وإنّما نقول ذلك) أي كونه ليس بردة (مع فصلين) أي في محلين (إِمَّا مَعَ إِنْكَارِهِ مَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِهِ) بصيغة المجهول (أو إظهاره الإقلاع) أي التحول والارتحال (والتّوبة) أي وإظهارها (عَنْهُ فَنَقْتُلُهُ حَدًّا لِثَبَاتِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ) إما بالبينة أو بالتوبة (في حقّ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وتحقيره) أي سابه (مَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ حَقِّهِ وَأَجْرَيْنَا حُكْمَهُ في ميراثه وغير ذلك) مما له من الحقوق (حكم الزّنديق إذا ظهر عليه وأنكر) زندقته (أو تاب) عنها (فإن قيل وكيف) وفي نسخة صحيحة فكيف (تثبتون عليه الكفر) بإقراره (ويشهد عليه) بالبناء للمفعول (بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَا تَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِحُكْمِهِ مِنَ الاستتابة وتوابعها) أي من القبول ورفع القتل عنه كما عليه جمهور السلف والخلف وعامة الأئمة (قلنا نحن) المالكية (وإن أثبتنا له حكم الكافر في القتل فلا نقطع) بالجزم (عليه بذلك) الكفر (لِإِقْرَارِهِ بِالتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَإِنْكَارِهِ مَا شُهِدَ بِهِ عليه أو زعمه) بضم الزاء وفتحها أي أو لدعواه (أنّ ذلك كان منه وهلا) بفتح الهاء وسكونها أي غلطا وسهوا ويروى وهما وهو بسكون الهاء وتحرك

<<  <  ج: ص:  >  >>