للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَصاكَ أي كل ما يعتمد عليه مما سوى الله وفي قوله عليه الصلاة والسلام تسحروا فإن في السحور بركة أراد به الاستغفار في الإسحار انتهى والحق إنهم إن أرادوا بذلك إبطال ظواهر الكتاب والسنة فهم كفرة وإن أرادوا بذلك أن للكتاب والسنة عبارات واضحات وإشارات لائحات فهذا نور على نور وسرور على سرور ويشير إليه قول مالك من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن جمع بينهما فقد تحقق وأنا بحمد الله وحسن توفيقه وبركة متابعة سيد الأنبياء جمعت تفسيرا جامعا بين عبارات الأصفياء وإشارات الأوفياء (والطّيّارة من الرّوافض) ويسمون الجناحية وهم أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين قالوا الأرواح تتناسخ وروح الله كانت في آدم ثم في شيث ثم في الأنبياء والأئمة حتى انتهت إلى علي وأولاده الثلاثة ثم إلى عبد الله بن معاوية المذكور وهو في جبل بأصبهان وسيخرج وأنكروا القيامة وأحلوا المحرمات (وكذلك من اعترف بالإلهيّة اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَلَكِنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُ حَيٍّ أو غير قديم وأنّه محدث) أي موجود بعد عدم (أو مصوّر) بصورة كالهشامية أصحاب هشام بن الحكم وهشام بن سلام فإنهم اتفقوا على أنه سبحانه وتعالى جسد وهو كسبيكة بيضاء صافية يتلألأ من جانب وله لون وطعم ورائحة وليست هذه الصفات غيره ويقوم ويقعد وله مشابهة بالأجسام ويعلم ما تحت الثرى بشعاع ينفصل منه إليه وهو سبعة أشبار بأشبار نفسه مماس للعرش بلا تفاوت بينهما وارادته حركته لا عينه ولا غيره والأئمة معصومون دون الأنبياء لأنهم يوحى إليهم ويتقربون إليه بخلافهم لا يوحى إليهم فوجب أن يكون الإمام معصوما وقال ابن سلام هو على صورة إنسان له يد ورجل وحواس خمس وأنف وأذن وعين وفم ووفرة سوداء نصفه الأعلى مجوف والأسفل مصمت ليس بلحم ولا دم انتهى وابطله كله قوله تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ولعل الحكمة في عدم تجويز رؤيته تعالى في الدنيا أن لا يدعي كل مبطل أني رأيته على هذه الصورة سبحانه وتعالى (أو ادّعى له ولدا) أي ابنا كاليهود والنصارى أو بنات كبعض العرب (أو صاحبة) أي زوجة كالنصارى (أو والدا) أي بأن يكون له أصل أو عنصر أو منبع أو معدن أو مصدر بحسب ذاته وجميل صفاته (أو متولد من شيء) هو كالتفسير لما قبله وكذا قوله (أو كائن) أي حادث (عنه) أي عن شيء قديم أو حادث والحاصل أنه ليس بحادث ولا بمحل للحوادث كما أشار إلى ذلك كله قوله تعالى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (أَوْ أَنَّ مَعَهُ فِي الْأَزَلِ شَيْئًا قَدِيمًا) أي فضلا عن حادث إذ لا يتصور (غيره) أي غير ذاته وصفاته وأما ما ذكره بعض شراح الفصوص من قدم الأرواح مطلقا أو قدم أرواح الكمل فباطل قطعا وكفر إجماعا (أو أنّ ثمّ صانعا للعالم سواه) أي سوى الله كالدهرية وأما قول الدلجي كمشركي العرب فليس في محله لقوله تعالى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى (أو مدبّرا غيره) كما يقول المنجمون من أن النجوم مدبرات والله سبحانه وتعالى يقول إنها مسخرات (فذلك كلّه

<<  <  ج: ص:  >  >>