كُفْرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ كَقَوْلِ الْإِلَهِيِّينَ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ) القائلين بالوجود المطلق وقال التلمساني هم قوم من حكماء النهد يدعون قدم الطينة ويزعمون أن العالم قديم وينكرون حشر الأجساد (والمنجّمين) الباحثين عن النجوم وأحوالها قيل للإسكندر الرومي كنا عند منجم في بستانه فأرانا النجم نهارا واحدا واحدا ببرهانه فوقع في بئر فيه وهو لا يدري فقال من تعاطى علم ما فوقه جهل علم ما تحته وقال التلمساني من نسب التدبير إلى النجوم واعتقد أنها فعالة فهو كافر لأنه جعل مع الله شركاء ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي أصبح من عبادي مؤمن وكافر الحديث فقائله تجرى عليه أحكام المرتد وإن كان يقول عادة الله بأن يخلق عندها فقيل كافر وقيل فاسق الأول سدا للذريعة وقال بعضهم الإفلاكية يقولون بإلهية الكواكب وما يقوله المنجم من كسوف وغيره هو بالحساب ولكن فيه فتنة ضعفاء العقول فيؤدب على ذلك وأما من يحكم بالكواكب في مولد أو وفاة أو غلاء أو رخص أو دولة أو زوالها فهو من أصل الكفر وروي أن النجوم إنما خلقها الله زينة للسماء الدنيا ورجوما للشياطين وهداية في البر والبحر (والطّبائعيّين) القائلين بتأثير الطبيعة في الإيجاد والتدبير في أمر البدن على ما عليه الأطباء التابعين للحكماء المعتقدين الهية الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وقيل هم الذين يقولون إن النار بطبعها محرقة وأن الماء بطبعه مغرق وأن الطعام والشراب بنفسهما مشبع ومزيل للعطش وقد أبطلها الله سبحانه وتعالى بقوله يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ وبتنجية موسى وقومة وإغراق فرعون وجنده وبعلة جوع البقر ومرض الاستسقاء ونحن نقول يقع ذلك الإحراق والإغراق ونحوهما عند وجود أسبابها بخلق الله عز وجل فيها لا بمجرد وجودها لاحتمال انقلابها (وَكَذَلِكَ مَنِ ادَّعَى مُجَالَسَةَ اللَّهِ وَالْعُرُوجَ إِلَيْهِ ومكالمته) وكذا من ادعى رؤيته سبحانه وتعالى في الدنيا بعينه كما بينته في شرح الفقه الأكبر (أو حلوله في أحد الأشخاص) كعلي ونحوه مما سبق بيانه أو في جميع الأشخاص والأشياء (كقول بعض المتصوّفة) أي المتشبهة بالصوفية من الحلولية والوجودية والاتحادية كابن سبعين والعفيف التلمساني التبريزي زعموا أن السالك إذا أمعن في سلوكه وخاض في لجة وصوله واستغرق في بحر حضوره فربما حل فيه سبحانه وتعالى كالنار في الفحم فيرتفع الأمر والنهي ويظهر من العجائب والغرائب ما لا يتصور من البشر وعن متصوفة أهل مصر أنه كان يقول لاصحابه طوفوا ببيت الرب يعني قلبه فيدورون حوله (والباطنيّة والنّصارى والقرامطة) وقد سبق الكلام عليهم (وكذلك نقطع) أي القول (على كفر من قال بقدم العالم) أي جميعه أو بعضه (أو بقائه) أي بذاته سواء يبقى أو يفنى كما يشير إليه قوله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ أي قابل للهلاك والفناء إلا الله سبحانه وتعالى فإنه بذاته دائم البقاء (أو شكّ في ذلك) أي في كونه قديما (على مذهب بعض الفلاسفة والدّهريّة) القائلين باستناد الحوادث إلى الدهر (أو قال بتناسخ الأرواح وانتقالها) من الأشباح (أبد الآباد) جمع بينهما للتأكيد أي دائما في الدنيا (في الأشخاص) من بدن إلى بدن آخر (وتعذيبها أو تنعّمها فيها)