حال حياته وكذا الصحابة بعد وفاته ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلى ما حكوه عن الخوارج وبعض المعتزلة كالنظام وأصحابه فإنهم لم يقولوا بالرجم ومن مذهبهم أن الإجماع ليس يحجة ويرده قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وقوله عليه الصلاة والسلام إن الله لا يجمع أمتي على الضلالة وبالإجماع على أن الإجماع حجة بل أقوى الحجة وأنه كان سندهم من الكتاب والسنة (ولهذا) أي ولقولنا بتكفير الخوارج بما ذكر كذا ذكره الدلجي وكان الأولى للمصنف رحمه الله تعالى أن يقول وكذا (نكفّر من دان) أي تدين (بغير ملّة المسلمين من الملل) أي الخارجة عن ملتهم (أو وافق فيهم) أي ولو في بعض الأحكام أي مع بقائه على ملة الإسلام وفي أصل الدلجي أو وقف فيهم أي توقف في تكفير من ذكر (أوشكّ) أي تردد (أو صحّح مذهبهم) بدليل عقلي أو نقلي (وإن أظهر مع ذلك) التوقف أو الشك أو التصحيح (الإسلام) أي الإيمان وانقياد ما فيه من الأحكام (واعتقده) أي الإسلام (واعتقد إبطال كلّ مذهب سواه) أي في باطنه وفيه أن توقفه أو شكه ينافيه (فَهُوَ كَافِرٌ بِإِظْهَارِهِ مَا أَظْهَرَ مِنْ خِلَافِ ذلك) ففي الفتاوى الصغرى من شبه نفسه باليهود أو النصارى على طريق المزح والهزل كفر (وكذلك نقطع بتكفير كلّ قائل) وروي كل من (قَالَ قَوْلًا يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى تَضْلِيلِ الْأُمَّةِ) المرحومة (وتكفير جميع الصّحابة) وهذا للإجماع ولقوله تعالى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ كذلك تكفير بعض الصحابة عند أهل السنة والجماعة بخلاف الخوارج والروافض (كقول الكميليّة من الرافضة) قيل والصواب كما قال الإمام الرازي من غلاة الروافض الكاملية اتباع أبي كامل وقيل ولعل الكميل تصغير الكامل «١» إيماء إلى تحقير شأنه واتباعه القائلين (بتكفير جميع الصحابة بعد النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إذ لم تقدّم) أي الصحابة (عليا) للخلافة بل قدمت أبا بكر كما قدمه عليه الصلاة والسلام للإمامة (وكفرت عليا إذا لم يتقدم ويطلب) أي ولم يطلب (حقّه) من الخلافة (في التّقديم) الموجب لزيادة التكريم (فهؤلاء) الكميلية (قَدْ كَفَرُوا مِنْ وُجُوهٍ لِأَنَّهُمْ أَبْطَلُوا الشَّرِيعَةَ) أي أمرها (بأسرها) أي جميعها (إذ قد انقطع نقلها ونقل القرآن معها) أي عندهم (إِذْ نَاقِلُوهُ كَفَرَةٌ عَلَى زَعْمِهِمْ وَإِلَى هَذَا) الوجه (والله أعلم) جملة معترضة للاحتياط (أَشَارَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ بِقَتْلِ مَنْ كفّر الصّحابة) أي جميعهم أو بعضهم فليس كما قال الدلجي بناء على كفر من قال لمسلم يا كافر وفيه أن هذا شتم ليس بكفر إلا أن اعتقد كفره حقيقة وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما أي أن كان كما قالوا والأرجح عليه ما قال وقوله الآخر لا يقتل لأنه كبيرة لم يخرج عن أصل الإيمان وأقول والأظهر إن هذين القولين له فيمن كفر بعض الصحابة وأما من كفر جميعهم فلا ينبغي أن
(١) أقول فيه نظر لأن الكميل تصغير الكمال فلعل تصغير الكامل كويل كما لا يخفى على التأمل لمصححه ط.