للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشك في كفره لمخالفة نص القرآن من قوله سبحانه وتعالى وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ قوله لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وبيانه أن هذه الآيات نص قطعي فلا يبطله قول مموه لا أصل له من جهة النقل ولا من طريق العقل على أن أمر الخلافة ليس من أركان الإيمان ثم هو لا يتعلق إلا ببعض من أهل الحال والعقد فلا وجه أصلا لتكفير الكل قطعا (ثمّ كفروا) أي الكميلية (من وجه) وفي نسخة من وجه أخر (بسبّهم النبيّ) أي لطعنهم فيه (صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ وَزَعْمِهِمْ أَنَّهُ عهد إلى عليّ) بالخلافة بعده (وهو) أي النبي عليه الصلاة والسلام (يعلم أنه) أي عليا (يكفر بعده) أي بعد النبي عليه الصلاة والسلام (على قولهم) أي بزعمهم والجملة حالية (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وآله) الشامل لأصحابه وأحبابه (وَكَذَلِكَ نُكَفِّرُ بِكُلِّ فِعْلٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يَصْدُرُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُصَرِّحًا بِالْإِسْلَامِ مَعَ فِعْلِهِ ذَلِكَ الْفِعْلَ) الذي لا يصدر إلا عن كافر (كالسّجود للصّنم وللشّمس والقمر والصّليب) الذي للنصارى (والنّار) بخلاف السجود للسلطان ونحوه بدون قصد العبادة بل بإرادة التعظيم في التحية فإنه حرام لا كفر وقيل كفر (والسّعي إلى الكنائس) جمع الكنيسة معبد اليهود (والبيع) بكسر ففتح جمع بيعة معبد النصارى (مع أهلها) احترازا من سعيه إليهما منفردا عنهم لقصد التفرج دون العبادة (والتّزيّي بزيّهم) أي بكسوتهم وهيئتهم بخلاف من سعى إليهما معهم لكن بخلاف صورتهم وإنما كفروا بزيهم لأن الظاهر عنوان الباطن ولا يتجانن إلا مجنون (من شدّ الزّنانير) جمع زنار بكسر أوله ما يشد به النصارى أوساطهم (وفحص الرّؤوس) بفتح الفاء وسكون الحاء وبالصاد المهملتين قال الجوهري وفي الحديث فحصوا عن رؤوسهم كأنهم حلقوا وسطها وتركوها مثل أفاحيص القطا انتهى وفي المجمل لابن فارس نحوه وقال الهروي في غريبه في حديث أبي بكر أنه قال لعامله أنك ستجد أقواما يعني بالشام قد فحصوا رؤوسهم فاضربوا بالسيف ما فحصوا عنه أي حلقوا مواضع منها كافحوص القطاوهم الشمامسة انتهى وفي حديث أنه عليه الصلاة والسلام قال لأمراء جيش مؤتة ستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فافلقوها بالسيوف والمعنى أن الشيطان استوطن في رؤوسهم كما تستوطن القطا مفاحصها ومنه الحديث من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة (فقد أجمع المسلمون أنّ هذا) الذي ذكر من الأفعال (لَا يُوجَدُ إِلَّا مِنْ كَافِرٍ وَأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ عَلَامَةٌ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ صَرَّحَ فَاعِلُهَا) وروى صاحبها (بالإسلام) ولعل فحص الرأس كان شعارا للكفرة قبل ذلك وأما الآن فقد كثر في المسلمين فلا يعد كفرا (وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنِ استحلّ القتل لمسلم) أي ظلما (أو شرب الخمر) أي طوعا (أو الزّنا) بالزاء والنون وفي معناه الربا والرياء أو أشياء أخر (ممّا حرّم الله بعد علمه بتحريمه) وفيه إيماء إلى أن جهله عذر ولعل هذا بالنسبة إلى حديث عهد بالإسلام أو البلوغ فإن إنكار ما علم من الدين بالضرورة كفر إجماعا (كأصحاب الإباحة من القرامطة) يحتمل أن تكون من بيانية أو

<<  <  ج: ص:  >  >>