وقال أشهد أن لا أباله ولا صاحبة ولا ولد انتهى وفيه إيماء إلى أنه من باب الاكتفاء قال التلمساني ووقع في كثير من كلام خيار المسلمين من الصحابة والتابعين ما هو على أصل لغة الحجاز في استعمال المجاز ومنه قول أبي عامر الأشعري وروى لعبد الله بن رواحة
فاغفر فداء لك ما اقتفينا ووجه ذلك أن الفداء إنما يكون فيمن تلحقه المقدرة والله سبحانه وتعالى منزه عنه فيحاشى منه واختلف فقيل على مجاز كلام العرب ومبناه ولا يلتفت إلى حقيقة معناه وقيل أراد بالتفدية التعظيم لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظم فيكون فيه معنى التجريد أو معناه أبذل نفسي ومن يعز علي في رضاك وقيل روي
فاغفر لنا فداك ما اقتفينا وهو بين ويحتمل أن قوله فاغفر البيت ليس من الكلام الأول وإنما هو للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومعناه أنه سأل النبي عليه السلام أن يغفر له ما قصر في حقه والقيام به والتفدية عليه صحيحة ومنه:
فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم فداء
(في أشباه لهذا) الشعر (من كلام الجهّال) نثرا ونظما (ومن) أي ومن كلام من (لم يقوّمه) أي يعدله (ثقاف تأديب الشّريعة) بكسر المثلثة وبالقاف أي ما يسوي ويقوم به الرماح ثم استعير للزواجر التي ورد بها الشرع (والعلم في هذا الباب) المتعلق بتعظيم رب الأرباب (فقلّما يصدر) مثل ذلك (إلّا من جاهل يجب تعليمه) على الناس كما يجب عليه تعلمه (وَزَجْرُهُ وَالْإِغْلَاظُ لَهُ عَنِ الْعَوْدَةِ إِلَى مِثْلِهِ) وهذا التأديب على نسق الترتيب كما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَابِيُّ وَهَذَا تَهَوُّرٌ مِنَ القول) أي مبالغة في المجاوزة عن الاستقامة (والله منزّه عن هذه الأمور) لأنه سبحانه وتعالى كما ورد يحب معالي الأمور ويبغض سفسافها (وقد روينا) بصيغة الفاعل أو المفعول مخففا وقيل مشددا (عن عون بن عبد الله) بن عتبة الهذلي الكوفي الزاهد (أَنَّهُ قَالَ لِيُعَظِّمْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ أَنْ يَذْكُرَ اسمه في كلّ شيء) من طيب وخبيث بل يخصه بالطيب فإن الله طيب يحب الطيب قد قال تعالى الطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ (حتّى لا يقول أخزى الله الكلب وفعل) أي الله (به كذا وكذا) من المكروهات (وكان بعض من أدركنا من مشايخنا) المالكية (قلّما يذكر اسم الله تعالى) ما صدرية لا نافية كافة كما اختاره التلمساني (إلّا فيما يتّصل بطاعته وكان) أي لك البعض (يقول للإنسان) إذا دعا له (جزيت خيرا) بصيغة المجهول (وَقَلَّمَا يَقُولُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا إِعْظَامًا لِاسْمِهِ تعالى أن يمتهن) أي يستعمل بكثرة (في غير قربة) ولا يخفى أن الدعوة للأخ المسلم قربة وقد ورد من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء رواه الترمذي والنسائي وابن