للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماجه وابن حبان في صحيحه عن اسامة ونظير هذا ما ذكره التلمساني عن ابن عرفة في تفسيره أن بعضهم كان يكره أن يقال للسائل يفتح الله تنزيها لاسم الله تعالى أن يذكره لمن يكره سماعه وإنما يقول ما حضر لك في الوقت شي أو نحوه أقول السائل لم يكره سماع اسم ربه نعم إنما يكره حرمانه وهو يحصل بأي مقال يقال في جوابه فالدعاء أولى له فإنه ربما يفرح به بدعائه أكثر من عطائه ثم قيل لابن عرفة قال المفسرون في قوله تعالى وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً إن القول الميسور أن يقول لهم رزقنا الله وإياكم من فضله فقال ابن عرفة الكراهة لا تنافي الإباحة انتهى وفساده ظاهر لا يخفى لأن الأمر في الآية للاستخفاف والكراهة غير ثابتة في هذا الباب؛ (وحدثنا الثقة) أي بعض من أثق به في الرواية (أنّ الإمام أبا بكر الشّاشيّ) قال الحلبي الظاهر أنه محمد بن علي بن إسماعيل القفال الكبير الشافعي والشاش مدينة بما رواء النهر قال العبادي فيه أفصح الأصحاب قلما وأثبتهم في دقائق العلوم قدما واسرعهم بيانا وأثبتهم جنانا وأعلاهم إسنادا وأرفعهم عمادا توفي سنة خمس وستين وثلاثمائة (كان يعيب على أهل الكلام) أي علماء أصول الدين (كثرة خوضهم فيه) أي في ذاته (تَعَالَى وَفِي ذِكْرِ صِفَاتِهِ إِجْلَالًا لِاسْمِهِ تَعَالَى ويقول هؤلاء) أي أهل الكلام (يتمندلون بالله) أي يتداولونه ويتناولونه كالمنديل بكثرة تدول ألسنتهم له في الأقاويل (جلّ) أي جلاله (وعز) كماله وهذا مخالف للكتاب والسنة جيث قال الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وقال وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ وفي الحديث أكثروا ذكر الله تعالى حتى يقولوا مجنون رواه أحمد في مسنده وأبو يعلى الموصلي وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في شعبه عن أبي سعيد وفي رواية لأحمد أكثروا ذكر الله تعالى حتى يقول المنافقون أنكم مراؤون وقد ورد من أحب شيئا أكثر ذكره رواه الديلمي عن عائشة رضي لله تعالى عنها والأحاديث في هذا أكثر من أن تذكر وقد صح عن رئيس أهل التحقيق أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ليتني كنت أخرس إلا عن ذكر الله ولله در القائل:

أعد ذكر نعمان لنا إن ذكره ... هو المسك ما كررته يتضوع

هذا وعن بعض التابعين أنه كانت له بضاعة يتجر فيها فقيل له في ذلك فقال لولاها لتمندل بي بنو العباس أي لابتذلوني بالتردد إليهم لطلب ما لديهم وأغرب منه قوله (وينزّل) أي الشاشي (الكلام) وفي نسخة بصيغة المجهول (في هذا الباب) أي باب كثرة الكلام في اسمه سبحانه وتعالى (تنزيله في باب سابّ) وفي نسخة سب (النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على الوجوه الّتي فصّلناها) من قتله وصلبه وحبسه وضربه وفي أنه لا ملائمة بين من تمندل بالله ومن سب نبيه نعم يلزم على زعم هذا القائل إن المحدثين لكثرة خوضهم في ذكر سيد المرسلين ينزلون في باب سب النبي وحاشاهم من ذلك لعلو مرتبتهم هنالك بل هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>