أبي سلمة) أحد الفقهاء السبعة عند أكثر علماء الحجاز (عن أبي هريرة) قال الحلبي وفي كلام بعض متأخري الحنفية المصريين أنه عبد الرحمن بن صخر على الأصح من نحو ثلاثة وأربعين قولا (عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال المراء) بكسر الميم مصدر بمعنى المماراة (في القرآن كفر) ورواه الحاكم أيضا وفي رواية لا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر (تؤوّل) بصيغة المجهول أي فسر المراء (بمعنى الشّكّ) ومنه قوله تعالى فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ (وبمعنى الجدال) ومنه قوله تعالى فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وقد قال تعالى ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وقال ابن الأثير تبعا للهروي المماراة المجادلة على مذهب الشك والربية ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتري الحالب اللبن من الضرع قال أبو عبيد ليس وجه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل ولكنه على الاختلاف في اللفظ وهو أن يقرأ الرجل على حرف فيقول الآخر ليس هو كذا ولكنه على خلافه وكلاهما منزل مقروء بهما فإذا جحد كل واحد قراءة صاحبه لم يأمن أن يكون ذلك يخرجه إلى الكفر لأنه نفى حرفا أنزله الله على نبيه ثم النكير في مراء إيذان بأن شيئا منه كفر فضلا عما زاد عليه وقيل إنما جاء هذا في الجدال والمراء في الآيات التي فيها ذكر القدر ونحوه من المعاني على مذهب أهل الكلام وأصحاب الأهواء والآراء دون ما تضمنته من الأحكام وأبواب الحلال والحرام فإن ذلك قد جرى بين الصحابة الكرام فمن بعدهم من العلماء الأعلام وذلك فيما يكون الغرض منه والباعث عليه ظهور الحق ليتبع دون الغلبة والتعجيز؛ (وعن ابن عبّاس) كما رواه ابن ماجه (عن النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَحَدَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ وكذلك إن جحد التّوراة والإنجيل) أي إجمالا لا آية منهما لاحتمال كونها محرفة أو لا تكون فيهما أصلا وذلك لقوله تعالى وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وأنزل الفرقان وكان حقه أن يقول والزبور لقوله تعالى وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً وفسر به القرآن أيضا وكذا صحف إبراهيم مذكورة بالخصوص (وكتب الله المنزّلة) أي بعمومها الواجب الإيمان مجملا بتمامها (أو كفر بها) أي كلها أو بعضها (أو لعنها) أي شتمها (أو سبّها) أي عابها (أو استخفّ بها) أي أهانها (فهو كافر) وأما لو جحد آية من التوراة أو الإنجيل ففيه خطر لاحتمال كونها منهما فيكفر أو لا تكون منهما لما وقع من التحريف فيهما فلا يكفر ولذا قال عليه الصلاة والسلام لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقد قال تعالى وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ أي منقادون للحق تابعون للصدق (وقد أجمع المسلمون أنّ القرآن المتلوّ) على ألسنة أهل الإيمان (في جميع أقطار الأرض) أي أطرافها وأكنافها (المكتوب في المصحف) أي جنسه من المصاحف (بأيدي المسلمين) احتراز عما قد يوجد في أيدي غيرهم من الملحدين فربما يزيدون أو ينقصون في أمر الدين