(ووائل بن حجر) مبتدأ. (يترفّل) بفاء مشددة أي يتأمر ويترأس (على الأقيال) خبر معناه الإمراء لقوله بعده في آخر كتابه أمره رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فاسمعوه وهو معنى قوله صلى الله تعالى عليه وسلم في الكتاب الآخر وكان وجه إلى المهاجرين أبو أمية مع وائل هذا فكان فيه من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبي أمية أن وائلا يستسعي ويترفل على الأقيال حيث كانوا من حضر موت أي يستمل على الصدقات ويصير اميرا على الأقيال ويفتخر عليهم بكتابه عليه الصلاة والسلام كما قال الشاعر:
إذا نحن أمرنا «١» امرأ ساد قومه ... وإن لم يكن من قبل ذلك يذكر
ولما كان أبو أمية مشتهرا تركه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على حاله كما يقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وحكى أبو زيد في نوادره عن الأصمعي عن يحيى بن عمر أن قريشا كانت لا تغير الأب في الكنية تجعله مرفوعا في كل وجه من الرفع والجر والنصب والحاصل أنه شبه امارته بالثوب لأنها لتلبسه بها كأنها هو واستعير لها ترفيله وهو إطالته وإسباله فكأنه يرفل فيها أي يجر ذيلها عليهم زهوا وقول التلمساني هنا إلى وائل إلى كاللام وروى بها فليس في محله ولعله فيما تقدم والله تعالى أعلم ثم جملة (أين هذا) أي كلامه هذا مع ما ذكر من الأقيال وكتابه لهم (من كتابه لأنس في الصّدقة المشهور) نعت لكتابه كما رواه أبو داود والترمذي والدارقطني وختمه ولم يدفعه له فدفعه أبو بكر بعد وفاته صلى الله تعالى عليه وسلم له حين وجهه إلى البحرين مصدقا فإن ذا بمحل من جزالة ألفاظ مألوفة وسلاسة تراكيب مأنوسة وذاك بمحل من غلاقة الفاظ غريبة وقلاقة اساليب عجيبة حتى أنها في النطق عسرة بالنسبة إلى غير أهل تلك اللغة وسبب هذا التغاير ما بينه المصنف بقوله (لَمَّا كَانَ كَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الْحَدِّ) أي هذا المقدار غريبا غير مألوف (وبلاغتهم على هذا النّمط) أي هذا النوع وحشيا غير مأنوس (وأكثر استعمالهم هذه الألفاظ) أي التي هي غير مألوفة لغيرهم وإن كانت مأنوسة لهم وجواب لما قوله (اسْتَعْمَلَهَا مَعَهُمْ لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) أي مما تشابه عليهم من أمر ونهي ونحوهما بنص أو إرشاد أي دال على ذلك كالقياس واستحسان العقل (وليحدّث النّاس بما يعلمون) أي بما يفهمون ويعقلون لا بما لا يدركون فينكرون كما سبق من كلامه وكتابه؛ (وكقوله في حديث عطيّة السّعديّ) أي المنسوب إلى قبيلة بني سعد وهو ابن عروة ويقال ابن عمرو بن عروة على ما رواه الحاكم والبيهقي وصححه عنه قدمنا على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال لي ما أغناك الله فلا تسأل شيئا (فإنّ اليد العليا هي المنطية) أي المعطية (واليد السّفلى هي المنطاة) أي المعطاة وأن مال الله مسؤول ومنطى. (قال) أي عطية (فكلّمنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بلغتنا) أي في الانطاء بمعنى الاعطاء كما قرىء بالنون في قوله تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ وهذا