رضي الله تعالى عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وفي معنى هذا الحديث أنشد أبو عمرو بن عبد البر في بهجة المجالس:
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا ... فإنك لا تدري متى أنت نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا ... فإنك لا تدري متى أنت راجع
والمقارب المقتصد (وقوله) أي وكقوله فيما رواه الشيخان (الظّلم) أي على النفس أو على الغير (ظلمات) بضم الظاء واللام وقال التلمساني ويفتح ويضم الثاني أي أنواع الظلم القاصر او المتعدي ظلمات حسية على أصحابه فلا يهتدون بسببه إلى الخلاص (يوم القيامة) أي في يوم يسعى نور المؤمنين الكاملين بين أيديهم وبإيمانهم بسبب إيمانهم وإحسانهم ويحتمل أن يراد بها الشدائد كما في قوله تعالى قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (وقوله) أي وكقوله فيما رواه الترمذي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (في بعض دعائه) أي في بعض دعواته لما فرغ من صلاته ليلة الجمعة (اللهمّ إنّي أسألك رحمة من عندك) أي من فضلك وكرمك لا بمقابلة عمل من عندي الحديث كذا في أصل الترمذي وليس في بعض النسخ لفظ من عندك (تهدي بها قلبي) أي تدله إليك وتقربه لديك (وتجمع بها أمري) أي حالي عليك (وتلمّ) بضم اللام وتشديد الميم (بها شعثي) بفتحتين أي تجمع لها تفرق خاطري وتضم بها تشتت أمري بمقام جمعي وحضوري (وتصلح بها غائبي) أي قلبي أو باطني بالأخلاق الرضية والأحوال العلية (وترفع بها شاهدي) أي قالبي أو ظاهري الأعمال البهية والهيئات السنية أو يراد بهما اتباعه الغائبون والحاضرون (وتزكّي بها عملي) أي تزيد ثوابه وتنميه أو تظهره وتنزهه عن شوائب الرياء والسمعة وسائر ما ينافيه (وتلهمني بها رشدي) أي صلاح حالي في حالي ومآلي (وتردّ) أي تجمع (بها ألفتي) بضم الهمزة اسم من الائتلاف وأما الإلفة بالكسر فالمرأة تألفها وتألفك وألفه كعلمه ألفا بالكسر والفتح على ما في القاموس فقول الدلجي بضم الهمزة وكسرها مصدر بمعنى المفعول ليس في محله والمراد بها الألفة في العبادة أو حسن الصحبة مع ارباب السعادة ومنه حديث المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف على ما رواه الدارقطني عن جابر مرفوعا ومنه قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (وتعصمني) أي تحفظني وتمنعني (بها من كلّ سوء) أي تصرفني عنه وتصرفه عني وهو بضم السين وقد تفتح الضرر الحسي والمعنوي (اللهمّ إنّي أسألك الفوز) أي النجاة (في القضاء) أي فيما قضيته وقدرته علي من البلاء وفي نسخة عند القضاء أي حين حلول القضاء وضيق الفضاء بتوفيق الرضى وروى المنجاني في العطاء ثم قال ويروى في القضاء كما ذكره المصنف في الشفاء (ونزل الشّهداء) بضمتين وتسكن الزاي وأصله ما يعد للضيف أول نزوله والمراد هنا جزيل الثواب وجميل المآب وقيل النزل بمعنى المنزل ويؤيده رواية ومنازل الشهداء (وعيش السّعداء) أي الحياة الطيبة المقرونة