للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عنهما مرفوعا للمرأة ستران قيل وما هما قال الزوج والقبر قيل فأيهما استر قال القبر.

(وقوله) أي وكقوله فيما رواه أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي ذر (اتّق الله حيثما كنت) وفي الأصول من كتب الحديث حيثما كنت وكذا في أصل الدلجي ولذا قال وما زائدة بشهادة رواية حذفها والمعنى اتق الله باكتساب أوامره واجتناب زواجره في كل مكان وزمان فإنه معك أينما كنت وحيثما كنت والخطاب لرواية من صحابته أو عام لكل فرد من أفراد أمته (وأتبع) بفتح الهمزة وكسر الموحدة أي أعقب والحق (السّيّئة) أي الصادرة منك (الحسنة) أي من صلاة أو صدقة ونحوهما وروي بحسنة (تمحها) بفتح أوله وضم الحاء مجزوما بجواب الأمر وهو مقتبس من قوله تعالى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ وقيل المعنى بالحسنة بالحديث التوبة ثم المراد بمحوها إزالتها حقيقة بعد كتابتها أو محوها كناية عن عدم المؤاخذة بها والظاهر أن جنس الحسنة يمحو جنس السيئة فلا ينافي ما ورد من أن الحسنة تمحو عشر سيئات وخص من عمومها السيئة المتعلقة بالعبد كالغيبة فلا يمحوها إلا الاستحلال ولو بعد التوبة نعم قبل وصولها إليه ترفع بالحسنة لحديث إذا اغتاب أحدكم من خلفه فليستغفر له فإن ذلك كفارة له وقيل تمحها بحسنة يضاد أثرها أثر السيئة التي ارتكبها فسماع الملاهي يكفر بسماع القرآن ومجالس الذكر وشرب الخمر يكفر بتصدق شراب حلال ونحو ذلك فإن المعالجة بالأضداد (وخالق النّاس) أي خالطهم وعاشرهم (بخلق حسن) أي بطلاقة وجه وكف أذى وبما تحب أن يعاملوك به فإن الموافقة مؤنسة والمخالفة موحشة. (وخير الأمور أوسطها) هذا حديث مستقل رواه ابن السمعاني في تاريخه أي المتوسطة بين الإفراط والتفريط في الأخلاق كالكرم بين التبذير والبخل والشجاعة بين التهور والجبن وفي الأحوال كالاعتدال بين الخوف والرجاء والقبض والبسط وفي الاعتقاد بين التشبيه والتعطيل وبين القدر والجبر وفي المثل الجاهل إما مفرط إما مفرط وفي التنزيل وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا والحاصل أن الإنسان مأمور أن يجتنب كل وصف مذموم بالبعد عنه وأبعد الجهات والمقادير من كل طرفين وسطهما فإذا كان في الوسط فقد بعد عن الاطراف المذمومة ولعل هذا معنى قولهم كن وسطا وامش جانبا.

(وقوله) أي وكقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أحبب) من أحبه فإن حببته أحبه بالكسر شاذ وقوله (حبيبك) بمعنى محبوبك والمعنى أحبب الذي تحبه مما سوى الله ورسوله (هونا ما) ما زائدة للمبالغة في القلة أي حبا يسيرا ولا تسرف في حبه ولا تبالغ في تعلق القلب به كثيرا فإنه (عسى أن يكون) أي يصير وينقلب (بغيضك) أي مبغوضك (يوما ما) . أي حينا من الأحيان وتتمته وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما إذ ربما انقلب ذلك الحب بتغير الأحوال بغضا فتندم عليه إذا أبغضته أو انقلب البغض حبا فتستحي منه إذا أحببته ويقرب من هذا الكلام قول عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>