للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الإخفاء لأن الإنسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن حرمه وإنما ضمت سينه لأن الأبنية قد تغير في النسبة خاصة كما قالوا في النسبة إلى الدهر دهري وإلى الأرض السهلة سهلي وكان الأخفش يقول إنها مشتقة من السرور لأنها يسر بها ويقال تسررت جارية وتسريت أيضا كما قالوا تظنيت وتظننت انتهى (كثيري النّكاح) أي الجماع ويبعد أن يراد به العقد لأنه علم في ضمن ما تقدم وأعاد لفظ الكثير اهتماما بالقضية قال عمر رضي الله تعالى عنه إني أتزوج المرأة وما لي فيها من ارب وأطؤها وما لي فيها من شهوة فقيل له في ذلك فقال حتى يخرج مني من يكاثر به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم؛ (وحكي في ذلك عن عليّ) بن أبي طالب روي أنه نكح بعد وفاة فاطمة رضي الله تعالى عنهما بسبع ليال فكان لعلي أربع نسوة وتسع عشرة وليدة غير من متن أو طلقن (والحسن) أي وعن الحسن الظاهر أنه ابن علي كرم الله تعالى وجهه ويحتمل الحسن البصري بناء على قاعدة المحدثين من أنه المراد عند الإطلاق لكنه يبعد هنا لتقديمه على قوله (وابن عمر) وكان من زهاد الصحابة وعلمائهم وأنه كان يفطر من الصوم على الجماع قبل الأكل وروي أنه جامع ثلاثة من جواريه في شهر رمضان قبل العشاء الأخيرة (وغيرهم) أي وعن غيرهم (غير شيء) أي شيء كثير فكان الحسن بن علي أشد الناس حبا للنساء قيل إنه أرخى ستره على مائتي حرة لأنه كان مطلاقا وكان ربما عقد على أربع في عقد واحد ولما خطب بنت سعيد بن المسيب الفزاري وخطبها أخوه الحسين وابن عمهما عبد الله بن جعفر شاور عليا فقال له أما الحسن فمطلاق والحسين شديد الخلق ولكن عليك بابن جعفر فزوجها له، (وقد كره غير واحد) أي من العلماء (أن يلقى الله عزبا) بفتح الزاي قيل ويسكن من لا أهل له كذا قيل وهو من العزب بمعنى البعد ومنه قوله تعالى لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فالعزب هو البعيد عن النساء وكأنه أراد أن يلقاه عاملا بجميع ما يرضاه ولذا قيل في تفسير قوله تعالى وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أي متزوجون لأن من كمال الإسلام القيام بسنته عليه الصلاة والسلام وهذه الكراهة رويت عن أبي مسعود وماتت امرأتان لمعاذ بن جبل في الطاعون وكان هو أيضا مطعونا فقال زوجوني فإني أكره أن ألقى الله عزبا. (فإن قيل) وفي نسخة صحيحة فإن قلت (كيف يكون النّكاح) أي أصله (وكثرته من الفضائل) أي التي أجمع عليها في كل شريعة (وَهَذَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ حَصُورًا) ، أي ممنوعا من النساء بالعجز عنهن أو لعدم الالتفات إليهن (فكيف يثني الله عليه بالعجز) أو عدم الميل (عمّا تعدّه فضيلة) أي شرعا وعادة (وهذا عيسى) أي ابن مريم كما في نسخة (عليه السّلام) قد (تبتّل من النّساء) أي انقطع عنهن ولم يمل إليهن وأبعد الدلجي في قوله منقطعا إلى ربه ومنه وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا أي انفرد له بالطاعة وجه بعد لا يخفى على أرباب الصفاء مع ما تقدم في كلامنا إليه من الإيماء (ولو كان) أي النكاح فضيلة (كما قررته لنكح) أي لتزوج كل منهما (فَاعْلَمْ أَنَّ ثَنَاءَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى يَحْيَى بِأَنَّهُ حَصُورٌ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ كان هيوبا) فعول من الهيبة أي جبانا عن النكاح وخائفا من

<<  <  ج: ص:  >  >>