للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النساء وفي الحديث الإيمان هيوب أي صاحبه يهاب الذنب فيتقيه (أو لا ذكر له) وفي رواية معه أي لا همة له فيه (بل قد أنكر هذا) أي ما ذكر من القولين (حذّاق المفسرين) أي مهرتهم (ونقّاد العلماء) أي محققوهم (وقالوا هذه نقيصة وعيب) أي لا يوجب الثناء (ولا تليق بالأنبياء عليهم السّلام) أي لا تضاف إليهم. (وإنّما معناه) أي معنى كونه حصورا (أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الذُّنُوبِ أَيْ لَا يَأْتِيهَا كأنّه حصر عنها) بصيغة المجهول أي حبس ومنع وحفظ وعصم منها وهذا بناء على أنه فعول بمعنى مفعول، (وقيل مانعا نفسه من الشّهوات) أي المستلذات من المباحات لا من المستحبات فهو بمعنى فاعل، (وقيل ليست له شهوة في النّساء) أي شهوة كثيرة أو مطلقا لكنه يباشر هذه الخصلة لما فيها من الفضيلة كما سبق عن عمر رضي الله تعالى عنه وأحسن الأجوبة أوسطها وأما تقييد الدلجي بأنه الذي لا يقرب النساء مع القدرة فلا وجه له في هذه الحالة التي تفوته الفضيلة هذا وقد ذكر التلمساني أن عيسى عليه الصلاة والسلام يتزوج في آخر الزمان بعد نزوله وقتله الدجال امرأة من جهينة ويولد له ولد ذكر ويتوفى عليه الصلاة والسلام ويدفن مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بينه وبين أبي بكر وأما يحيى فإنه لم يمت حتى ملك بضع امرأة لكنه لم يبن عليها ففعله هذا إنما كان لنيل الفضيلة وإقامة السنة وقيل لغض البصر ودفع الفتنة. (فقد بان لك من هذا) أي الذي ذكرناه (أنّ عدم القدرة على النّكاح نقص) أي للكمل، (وإنّما الفضل في كونها) أي القدرة (موجودة) أي قائمة بمحلها ثابتة (ثمّ قمعها) قال الدلجي مبتدأ والظاهر أنه مجرور عطفا على كونها أي ثم الفضل في قمع القدرة عن النكاح مخالفة للشهوة (إمّا بمجاهدة) أي برياضة نفسانية (كَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ بِكِفَايَةٍ مِنَ اللَّهِ) أي لهذه المؤنة بالعصمة من غير حاجة إلى المجاهدة (كيحيى عليه السّلام فضيلة زائدة) بالنصب على التمييز من قوله موجودة وجعله الدلجي خبر المبتدأ بناء على إعرابه في رفع قمعها فاحتاج إلى أن يقول زائدة على فضيلة القدرة على قمعها وكان حقه أن يقول مع عدم قمعها والظاهر أن المصنف أراد أن القوة مع القدرة على قمعها فضيلة زائدة لا خصلة راتبة كما عبر الفقهاء بالسنن الزوائد والرواتب ولا شك أن الزوائد قد تترك لبعض العوارض الموجبة لكون تركها حينئذ أفضل من فعلها بالنسبة إلى بعض الأشخاص والأحوال وأوقاتها فهذه الفضيلة زائدة قد تترك (لكونها شاغلة) وفي رواية مشغلة بضم الميم وكسر الغين أو بفتحها (في كثير من الأوقات) أي عن الطاعات التي تورث الدرجات العاليات في روضات الجنات (حاطّة) بتشديد الطاء أي واضعة منزلة له من علو الحالات لكونها مرغبة ومميلة وجارة (إلى الدّنيا) أي محبتها أو جمعها والاشتغال بها لحصول تلك الفضيلة الزائدة والحاصل أن كل فضيلة لها مضار ومنافع كالنكاح والتبتل والعزلة والخلطة والغنى والفقر فينظر إلى زيادة المنفعة وقلة المضرة بالنسبة إلى طالبها وصاحبها فيحكم بمقتضاه ولا يجوز الإطلاق فيما استفتاه ولذا قال المصنف (ثمّ هي) أي الفضيلة الزائدة (في حقّ من أقدر عليها) بصيغة المجهول من الأقدار أي من أعطى له الاقتدار

<<  <  ج: ص:  >  >>