للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بدع أنه كان زمان مراهقته وأول مقام نبوته تنبيها لقومه على خطائهم بعبادة غيره سبحانه وتعالى وإرشادا لهم إلى طريق الحق على سبيل النظر والاستدلال على حدوث عالم الخلق وأن للشمس والقمر والكواكب وسائر الأشياء النورانية والظلمانية محدثا دبر طلوعها وسيرها وانتقالها وزوالها من حالها بدليل قوله تعالى يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (وقيل أوحى) وفي نسخة أوحى الله (إلى يوسف) بضم السين وفتحها وكسرها مع الهمزة وعدمه وكان بخده الأيمن خال أسود وبين عينيه شامة وبقي في الرق ثلاث عشرة سنة وقيل ثنتي عشرة قيل عدد حروف اذكرني عند ربك فإن عد المضاعف اثنين فثلاث عشرة وإلا فاثنتا عشرة وعن علي كرم الله تعالى وجهه أن أحسن الحسن الخلق الحسن وأحسن ما يكون الخلق الحسن إذا كان معه الوجه الحسن (وهو صبيّ) أو بالغ فعن الحسن وله سبع عشرة سنة وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة ودفن بمصر بالنيل ثم حمله موسى عليهما الصلاة والسلام حين خرجت بنو اسرائيل من مصر إلى الشام (عندما همّ إخوته بإلقائه في الجبّ) أي في قعر بئر وهي على ثلاثة فراسخ من منزل أبيهم (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا [يوسف: ١٥] الآية) أي إلى وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ففيه بشارة إلى مآل أمره أي لنخلصنك ولنخبرن إخوتك بما فعلوه وهم لا يشعرون أنك يوسف لعلو شأنك ورفعة مكانك وكان الحال كما قال تعالى فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ وأبعد من جوز تعلق جملة وهم لا يشعرون بأوحينا كما لا يخفى لأن الوحي لا يكون إلا على وجه الخفاء (إلى غيره ذلك ممّا ذكر من أخبارهم) ويروى ما ذكر من أخبار غيرهم، (وَقَدْ حَكَى أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ آمِنَةَ بِنْتَ وَهْبٍ أَخْبَرَتْ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم ولد حين ولد) أي أول ما ولد (باسطا يديه إلى الأرض) أي معتمدا بيديه على الأرض وقد جاء كذلك مفسرا (رافعا رأسه إلى السّماء) إيماء إلى بسط دينه وملكه على بساط الأرض ورفعة شأنه بالإسراء إلى جهة السماء. (وقال في حديثه صلى الله تعالى عليه وسلم) أي على ما رواه أبو نعيم في الدلائل (لمّا نشأت) أي انتشأت بحيث ميزت بين الخير والشر وفرقت بين الحق والباطل وهو أولى من قول الدلجي تبعا للتلمساني أي شببت وصرت شابا (بغّضت) بالتشديد للمبالغة أي كره الله (إليّ الأوثان) أي عبادتها والمعنى أنه خلق في جبلته وفطرته بناء على تحقق عصمته محبة الله وبغض عبادة ما سواه (وبغّض إليّ الشّعر) لما أراد أن ينزهه عن كونه شاعرا وأن يكون كلامه شعرا وهو لا ينافي أن يكون موزونا في طبعه كما حقق في موضعه (ولم أهمّ) بفتح فضم وتشديد ميم مضمومة أو مفتوحة أي لم أقصد (بشيء ممّا كانت الجاهليّة تفعله) أي من المعازف وغيرها مما نهى الله عنه (إلّا مرّتين فعصمني الله منهما) أي من الاستمرار عليهما وفي أكثر النسخ منها أي من أفعال الجاهلية بتمامها (ثمّ لم أعد) أي لم ارجع إليها أبدا فعن علي كرم الله وجهه على ما رواه البزار بسند صحيح عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>