زهده وعدم بناء لبنة على لبنة وزكريا على قطع المنشار ويحيى على الذبح وقيل هم المأمورون بالجهاد وقيل من يصيبهم فتنة منهم وقيل هم أهل الشرائع وقيل استثنى من الرسل آدم لقوله تعالى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ويونس لقوله سبحانه وتعالى وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ (وقال) أي الله له ولأتباعه (وَلْيَعْفُوا) أي ما فرط في حقهم من بعضهم (وَلْيَصْفَحُوا [النور: ٢٢] ) بالأغماض منهم والإعراض عنهم (الآية) أي الا تحبون أن يغفر الله لكم أي لعفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم واعتدى عليكم وفيه التفات يفيد الاهتمام بأمرهم وقد روى البخاري أنه لما نزلت قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه بلى أحب ورجع إلى مسطح نفقته التي قطعها عنه لخوضه مع أهل الإفك وخطأه وصدر الآية وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ في سبيل الله وكان مسطح قريب أبي بكر ومسكينا ومهاجريا وفي الآية دليل على فضل الصديق وسعه علمه بالتحقيق وإذا كان هذا العفو والصفح موصوفا أكابر الأمة بهما فكيف صاحب النبوة لا يكون موصوفا بأعلى مراتبهما (وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ أي على الأذى (وَغَفَرَ) أي ستر ومحا وتجاوز وعفا (إِنَّ ذلِكَ) ما ذكر من الصبر والغفران (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: ٤٠] ) أي من أفضل الأمور وأما قول الدلجي أي أن ذلك الصبر والغفران منه لمن عزم الأمور فحذف منه كما حذف في نحو السمن منوان بدرهم أي منه للعلم به فليس في محله إذ هو مستغني عنه في صحة حمله وحله (ولا خفاء) أي عند أهل الصفاء (بما يؤثر) أي فيما يروى (من حلمه) أي صبره مع أحبابه (واحتماله) أي تحمله على أعدائه حتى قال أبو سفيان له ما أحلمك حين قال له يا عم أما آن لك أن تسلم بأبي أنت وأمي، (وأنّ) بفتح الهمزة وفي نسخة بكسرها (كلّ حليم) أي صاحب حلم (قد عرفت منه زلّة) بفتح الزاي أي عثرة وفي الحديث اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته وفي الحديث ما أعز الله بجهل قط ولا أذل الله بعلم قط وقيل ما عز ذو باطل ولو طلع القمر من جبهته (وحفظت عنه هفوة) بالفاء أي معرة بمقتضى ما قيل نعوذ بالله من غضب الحليم مع أن الكامل من عدت مساويه لكنه عصم عند باريه عصمة لا يشاركه أحد فيها ولا يساويه فالكلية عامة شاملة لأصحاب النبوة وأرباب الفتوة ولذا قيل إن الأنبياء كلهم معصومون صغرا وكبرا من الكبيرة والصغيرة فإن مراتب العصمة متفاوتة (وهو صلى الله تعالى عليه وسلم) أي لثباته في محامد صفاته (لا يزيد مع كثرة الأذى) أي الواصل منهم إليه (إلّا صبرا) أي تحملا عليهم بل إحسانا إليهم (وعلى إسراف الجاهل) أي مجاوزته الحد في التقصير إليه ويروى الجاهلية أي على اسراف أهلها (إلّا حلما) أي تجاوزا وكرما. (حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عليّ التّغلبيّ) بمثناة فوقية مفتوحة وسكون غين معجمة وفتح لام وتكسر نسبة إلى قبيلة وإماما وقع في بعض النسخ من الثاء المثلثة والعين المهملة فتصحيف في المبنى وتحريف في المعنى مات سنة ثمان وخمسمائة (وغيره) أي من المشايخ المشاركين له في هذه الرواية