للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام ولذا ورد يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ولذا كان يتألف الكفار المصرحين لكونه رحمة للعالمين وفي هذا دليل على ترك بعض الأمور التي يجب تغييرها مخافة أن يترتب عليها مفسدة أكبر منها (وعن أنس رضي الله عنه) كما رواه الشيخان (كنت مع النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم وعليه برد) أي شملة مخططة أو كساء أسود مربع (غليظ الحاشية فجبذه) أي فجذبه كما في نسخة والأول لغة في معنى الثاني أو مقلوبة في حروف المباني والمعنى فجره (أعرابيّ) مجهول لم يعرف اسمه (بردائه جبذة شديدة) أي دفعه عنيفة (حَتَّى أَثَّرَتْ حَاشِيَةُ الْبُرْدِ فِي صَفْحَةِ عَاتِقِهِ) أي جانب ما بين كتفه ومنكبه ولم يتأثر هو صلى الله تعالى عليه وسلم من سوء أدبه، (ثمّ قال) أي الأعرابي على عادة أجلاف العرب (يا محمّد أحمل لي) بفتح الهمزة أي أعطني ما احمل لي وأغرب التلمساني حيث قال المعنى أعني على الحمل وفي نسخة أحملني والظاهر أنه تصحيف في المبنى لأنه تحريف في المعنى (عَلَى بَعِيرِيَّ هَذَيْنِ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عندك) زاد البيهقي (فإنّك لا تحمل لي) وفي نسخة لا تحملني وفيه ما سبق إلا أن يقال معناه أعطني على التجريد وفي أصل التلمساني لا تحمله (من مالك ولا من مال أبيك، فسكت النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي حلما وكرما (ثُمَّ قَالَ الْمَالُ مَالُ اللَّهِ وَأَنَا عَبْدُهُ، ثمّ قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (ويقاد منك) فعل مجهول من القود أي يقتص منك ويفعل بك (يا أعرابيّ ما فعلت بي) أي مثل فعلك معي من جذب ثوبي (قال لا) أي لا يقاد مني (قال لم) أي لأي شيء (قال لأنّك لا تكافىء) بالهمز أي لا تجازي (بالسّيئة السّيّئة) بل تجازي بالسيئة الحسنة (فضحك النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أي تعجبا (ثم أمر أن يحمل له على بعير شعير وعلى الآخر تمر) ويروى على بعير تمر وقيل إذا أحب الله عبدا سلط عليه من يؤذيه، (وعن) وفي أكثر النسخ قالت (عائشة رضي الله تعالى عنها) ، كما في الصحيحين (ما رأيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم منتصرا من مظلمة) بكسر اللام وتفتح أي ما يطلب عند الظلم وأما قول المنجاني وبفتح الميم الثانية وكسرها فلا وجه له (ظلمها) بصيغة المجهول (قطّ) أي أبدا (ما لم تكن) أي المظلمة (حرمة من محارم الله) أي متعلقة بحقوق الخلق أو الحق خارجة عن خاصة نفسه وحرماته فرائضه أو ما وجب القيام به وحرم التفريط فيه (وما ضرب بيده شيئا قطّ) واحترزت بقولها بيده عن ضرب غيره بأمره تأديبا أو تعزيرا أو حدا وهذا كله من باب الكرم والرحم على العامة والخاصة (إلّا أن يجاهد في سبيل الله) أي فإنه كان يضرب بيده مبالغة في مقام جده واجتهاده في جهاده ثم ما ضرب أحدا من أعدائه إلا كان حتف أنفه وعذابا له في آخر أمره بدليل قول أبي بن خلف وقد خدشه يوم أحد في عنقه فجزع جزعا شديدا بألم شديد فقيل له ما هذا الجزع فقال والله لو بصق محمد علي لقتلني (وما ضرب خادما ولا امرأة،) تخصيص بعد تعميم ودفع لتوهم أن النفي الأول متعلق بمن كان خارجا عن أهله وإشعارا بأن التحمل منهما أشد ثم فيه جواز ضرب المرأة والخادم للأدب إذ لو لم يكن مباحا لم يتمدح بالتنزه عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>