للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وجيء إليه برجل) على ما روى أحمد والطبراني بسند صحيح (فقيل هذا أراد أن يقتلك) أي فحصل للرجل روع في روعه وفزع في روحه (فقال له النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لن تراع) بضم أي لن تفزع بمكروه (لن تراع) كرره تأكيدا والمعنى لا تخف لا تخف قال التلمساني وتضع العرب لن بمعنى لا كما ههنا (ولو أردت ذلك) أي قتلي (لم تسلّط عليّ) بصيغة المجهول إعلاما منه بأن قتله محال لقوله تعالى وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ (وجاءه زيد بن سعنة) بفتح سين فسكون عين مهملتين فنون وهو الأصح على ما ذكره الذهبي في تجريده والنووي في تهذيبه وفي رواية بتحتية بدل النون (قبل إسلامه) وهو يهودي (يتقاضاه) أي حال كونه طالبا (دينا) أي قضاء دين له (عليه) صلى الله تعالى عليه وسلم (فجبذ ثوبه) أي جذب رداءه وأزاله وأبعده (عن منكبه) بكسر الكاف (وأخذ بمجامع ثيابه) جمع مجمع وهي أطرافه وحواشيه أو إزاره كله ويقال له التلبب (وأغلظ له) أي في القول بخصوصه (ثمّ قال) قصدا لعموم قومه (إنّكم يا بني عبد المطّلب مطل) بضمتين ويسكن الثاني جمع مطول كفعول بمعنى فاعل أي مدافعون في وعدكم (فانتهره عمر) أي زجره (وَشَدَّدَ لَهُ فِي الْقَوْلِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم يتبسّم) حال مبينة لكمال حلمه وحسن خلقه وجميل عفوه (فقال رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَهُوَ كُنَّا إِلَى غَيْرِ هذا) أي الذي صدر (منك) أي من الزجر الأكيد والقول الشديد (أحوج) أي أكثر احتياجا (يا عمر) فكان الأولى بك أنك (تأمرني بحسن القضاء) أي الأداء لدينه (وتأمره بحسن التّقاضي) أي المطالبة لحقه، (ثمّ قال لقد بقي من أجله) أي من أجل دينه لا عمره (ثلاث) أي ثلاثة أيام وحذف تاؤه لحذف مميزه الذي هو أيام كما في حديث من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنه صام الدهر كله، (وأمر) أي النبي عليه الصلاة والسلام (عمر يقضيه ماله) أي ماله من الحق (ويزيده عشرين صاعا لما روّعه) بتشديد الواو أي لأجل ما خوفه عمر زجرا فيجازيه برا (فكان) أي فصار ذلك (سبب إسلامه) والحديث رواه البيهقي مفصلا ووصله ابن حبان والطبراني وأبو نعيم بسند صحيح، (وذلك) أي كونه سبب إسلامه (أنّه كان يقول) كما روى عنه عبد الله بن سلام (مَا بَقِيَ مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلَّا وقد عرفتها في محمّد) وفي رواية في وجه محمد (إلّا اثنتين لم أخبرهما) بفتح الهمزة وضم الموحدة أي لم أخبر بهما فلم أعرفهما ويروى لم أجدها أي لم أتحققهما (يسبق حلمه جهله) أي جهل الذي يفعل به، (ولا تزيده شدّة الجهل) أي عليه (من أحد إلا حلما) بل لطفا وكرما، (فاختبره) أي امتحنه (هو بهذا) أي الذي صدر منه في حقه قولا وفعلا (فوجده) ويروى فاختبرته بهذا فوجدته (كما وصف) بصيغة المجهول أي نعت في كتب الأولين في صفة المرسلين وكان أعلم من أسلم من أحبار اليهود وأجلهم وأكثرهم ما لا شهد مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مشاهد كثيرة وتوفي راجعا من غزوة تبوك إلى المدينة، (والحديث) الأحاديث الواردة المخبرة (عن حلمه صلى الله تعالى عليه وسلم وصبره وعفوه عند المقدرة) بفتح الدال وضمها وحكي كسرها بمعنى القدرة وهو احتراز عن توهم

<<  <  ج: ص:  >  >>