كون عفوه عن معجزة (أكثر من أن تأتي عليه صلى الله تعالى عليه) أن نذكر كله أو معظمه، (وحسبك) أي كافيك ومغنيك (ما ذكرناه ممّا في الصّحيح) أي في الكتب الصحيحة (والمصنّفات الثّابتة) أي ولو لم تكن من الصحاح الستة أو ولو لم تكن صحيحة بل ثابتة حسنة فإنها حجة بينة (إلى ما بلغ) أي منضمة إلى ما وصل مجموعه (متواترا) أي في المعنى (مبلغ اليقين) أي مبلغا يحصل به اليقين للمؤمنين في أمر الدين (من صبره) بيان لما أي من تحمله (على مقاساة قريش) أي مكايدتهم ومعارضتهم ومخالفتهم (وأذى الجاهليّة) أي وتأذيه من أهل جاهليتهم وسفلتهم (ومصابرة الشّدائد) أي مبالغة المحن وفي نسخة ومصابرة الشدائد (الصّعبة) أي الشاقة (معهم) أي مع أعدائه (إلى أن أظفره الله عليهم) بنصره وأظهره كما في نسخة (وحكّمه فيهم) بتشديد الكاف أي جعله حاكما عليهم متصرفا في أمرهم (وهم لا يشكّون) أي لا يترددون بناء على زعمهم وقياسه على أنفسهم (في استئصال شأفتهم) بفتح شين معجمة فسكون همزة ففاء فتاء أي جمعهم وقطع أثرهم وهي في الأصل قرحة تخرج للإنسان في أسفل القدم فتكوى فتذهب فهم يقولون في المثل استأصل الله شأفته أي أذهبه كما أذهبها وروي في استئصاله بالإضافة ونصب شأفتهم التي في استهلاكه دابرهم من أصلهم وفصلهم (وإبادة خضرائهم) بفتح خاء وسكون ضاد معجمتين بعدهما راء فألف ممدودة أي إهلاك جماعتهم وتفريق جمعهم فالإبادة بكسر الهمزة مصدر أباده الله أي أهلكه وخضراؤهم سوادهم ومعظمهم والمعنى لا يشكون في هلاكهم وذهابهم وفنائهم (فما زاد على أن عفا) أي تجاوز عن أفعالهم (وصفح) أي وأعرض عن أقوالهم، (وقال) أي لهم تلويحا بلطفه إليهم وشفقته عليهم واستخراجا لما في ضمائرهم واستظهارا لما في سرائرهم (ما تقولون) أي فيما بينكم أو ما تظنون بي (إنّي فاعل بكم) أي بعد ما ظفرت عليكم (قالوا خيرا) أي نقول قولا خيرا أو نظن ظنا خيرا أو نفعل خيرا، (أخ كريم) أي هو أو أنت وهو في معنى العلة أي لأنك أخ كريم (وابن أخ كريم) أي فلا يجيء من مثلك إلا ما يوجب الكرم والعفو عمن ظلم، (فقال أقول) أي في جواب قولكم (كما قال أخي يوسف) أي لإخوته فأنا مقتد بالأنبياء العقلاء لا بالأغبياء الجهلاء (لا تَثْرِيبَ) لا تعيير ولا توبيخ ولا تعييب (عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ [يوسف: ٩٢] ) أي هذا الوقت الذي ظهر فضلي لديكم أولا أذكر لكم الذنب في هذا اليوم الذي محله التثريب فما ظنكم بغيره من الزمان البعيد أو الغريب وأما ما جوزه التلمساني من الوقف على عليكم وجعل اليوم ظرفا لما بعده ففي غاية من البعد مبنى ومعنى (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) أي ما فرط منكم وظهر عنكم (الآية) أي وهو أرحم الراحمين وإنما رحمتي أثر من آثار رحمته كما قال تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ وكما في الحديث الشريف أنا رحمة مهداة أي رحمة لكم ومهداة إليكم. (اذهبوا فأنتم الطّلقاء) بضم ففتح ممدودا جمع طليق بمعنى مطلوق وهو الأسير يخلى عن سبيله أي الخلصاء من قيد الأسر فإنهم كانوا حينئذ اسراء وقد قال ذلك يوم فتح مكة آخذا بعضادتي باب الكعبة على ما رواه ابن سعد