للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وسلم ست بغلات وقيل سبع (وأبو سفيان) أي ابن عمه الحارث بن عبد المطلب وكان أخ الرضيع له صلى الله تعالى عليه وسلم أرضعتهما حليمة وآلف الناس به قبل النبوة ثم كان أبعدهم عنه بعدها ثم أسلم يوم الفتح بالأبواء موضع بطريق مكة ومات سنة عشرين بالمدينة (آخذ بلجامها) زاد البرقاني والعباس رضي الله تعالى عنه آخذان بلجامها يكفانها عن إسراع التقدم إلى العدو شفقة منهما عليه بمقتضى البشرية وإن علما مرتبة عصمته النبوية وسيأتي رواية أخرى في هذا المعنى مع اختلاف في المبنى وفي ركوب البغلة حال الغزوة إيماء إلى كمال تحقق النجدة وزوال تصور الجولة وكيف وهو يقول اللهم بك أصول وبك أجول، (والنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقول) والجملة حالية وأما قول الدلجي وضع فيها مبتدأها موضع المضمر أي وهو يقول فغفلة منه عن المنقول إذ لو أتي بالضمير لتوهم رجعه إلى أقرب المذكور وهو أبو سفيان المسطور (أنا النّبيّ لا كذب) بسكون الباء للوزن أو للسجع وهو الرواية على ما ذكره المازري وضبط في بعض النسخ بفتح الباء على ما أصله في البناء وقد ورد على زنة منهوك الزجر وهو ليس بشعر عند بعضهم وأن كان مقصودا ثم لا يسمى الكلام شعرا ما لم يقصد بوزنه الشعر ومنه ما جاء في التنزيل ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون وأمثال ذلك وأما قول الدلجي من رواه بفتح الباء ليخرج عن الوزن فقد نسب أفصح الخلق إلى النطق بغير فصيح فغير صحيح لأن فتح الباء كما عرفت هو الإعراب الصحيح فلا يعدل عنه إلا وقفا سواء أريد به نظم أو سجع والمعنى أنا النبي صدقا لا أفر إذا لقيت العدو حقا وروي بلا كذب بزيادة الباء ولعله حينئذ يخفف ياء النبي والمعنى لا كذب في النبوة لظهور المعجزة أو لا كذب في النصرة أو لا كذب في النبوة لأنها حق وما وعده ربه صدق. (وزاد غيره) أي غير البراء (أنا ابن عبد المطّلب) وهو بسكون الباء مع أنها في أصل الإعراب بالجر ومن قرأ بالكسر أراد إخراجه من وزن الشعر كما تقدم ثم انتسابه لجده لاشتهاره به لموت أبيه قبل ولادته مع كثرة نسبة الناس إياه إليه ولا ينافي هذا نهيه عن الافتخار بالآباء الكفار إذ لم يقل افتخارا بل إظهارا واشتهارا وإعلاما بأنه ما ولى مع من ولي وتعريفا بموضعه ليرجع إليه أهل دينه، (قيل فما رئي) بصيغة المجهول ويقال فما رئي بالنقل والبدل أي ما أبصر (يومئذ) أي يوم حنين (أحد كان أشدّ منه) أي أقوى قلبا وأشجع قالبا منه صلى الله تعالى عليه وسلم قال البغوي بعد حديث البراء بإسناده المتصل إلى مسلم على ما سبق ورواه محمد بن إسماعيل عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن إسحاق وزاد فما رئي من الناس يومئذ أشد منه ورواه أبو زكريا عن أبي إسحاق وزاد قال كنا إذا احمر البأس نتقي به وأن الشجاع منا للذي يحاذيه أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم انتهى فوجه تعبير المصنف بقيل غير ظاهر كما لا يخفى، (وقال غيره) أي غير البراء أو غير قائل هذا القيل (نزل النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عن بغلته) وهذا يدل على كمال نعته في قضية شجاعته قال البغوي في حديثه المسند إلى مسلم عن أبي إسحاق قال رجل للبراء يا أبا عمارة أفررتم يوم حنين قال لا والله ما ولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولكنه خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>