شبان أصحابه واخفاؤهم وهم حسر ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح فلقوا قوما رماة لا يكاد يسقط لهم سهم فأقبلوا هناك إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ورسول الله على بغلته البيضاء وأبو سفيان بن الحارث يقود به فنزل واستنصر وقال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ثم صفهم، (وَذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنِ الْعَبَّاسِ قَالَ فَلَمَّا الْتَقَى المسلمون) وهم ستة عشر ألفا أو اثنا عشر ألفا أو عشرة آلاف على اختلاف (والكفّار) وهم أربعة آلاف من هوازن وثقيف وكان المسلمون يومئذ أكثر ما كانوا قط حتى قال رجل من الأنصار لن نغلب اليوم عن قلة فلم يرض الله قوله ووكلهم إلى أنفسهم كما أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ فاقتتلوا قتالا شديدا فانهزم المشركون وخلوا عن الذراري ثم نادوا يا حماة السوء اذكروا الفضائح فتراجعوا وانكشف المسلمون وهذا معنى قوله (ولّى المسلمون) أي رجعوا وانهزموا (مدبرين) حال مؤكدة منهم قال الكلبي كان حول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثلاثمائة من المسلمين وانهزم سائر الناس مدبرين وقال آخرون لم يبق مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غير العباس وأبي سفيان وأيمن ابن أم أيمن فقتل يومئذ بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم (فطفق) بكسر الفاء أي جعل (رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يركض بغلته نحو الكفّار) أي يحركها ويدفعها إلى صوبهم وأصل الركض تحريك الرجل ومنه قوله تعالى ارْكُضْ بِرِجْلِكَ (وأنا آخذ بلجامها) جملة حالية (أكفّها) حال أخرى أو استئناف بيان (إرادة أن لا تسرع) بنصب الإرادة على العلة للجملة السابقة أي أمنعها من أجل أن لا نعجل إلى جهة العدو وهو من الإسراع (وأبو سفيان آخذ بركابه) وفي رواية بعكس القضيتين وتقدم أنهما كانا آخذين بلجامها فالجمع بأنه كان الأخذ بالمناوبة مرة وبالجمع كرة (ثمّ نادى) أبو سفيان أو النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أو العباس على الالتفات (يا للمسلمين) بفتح اللام الأولى أي اقبلوا (الحديث) بالنصب على الأصح أي انظر الحديث أو طالعه بكماله قال البغوي في حديثه المسند إلى مسلم فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السمرة فقال العباس رضي الله تعالى عنه وكان رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة قال فو الله لكان عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفه البقرة على أولادها فقالوا يا لبيك يا لبيك قال فاقتلوا الكفار ثم أخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حصيات فرمى بهن في وجوههم ثم قال انهزموا ورب محمد قال فو الله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى أحدهم كليلا وأمرهم مدبرا وقال سلمة بن الأكوع غزونا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حنينا قال فلما غشوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلف الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين وقال سعيد بن جبير أمد الله نبيه بخمسة آلاف من الملائكة مسومين كما قال تعالى وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها. (وقيل) أي روي كما في حديث ابن أبي