هالة (كان رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَضِبَ. وَلَا يَغْضَبُ إِلَّا لله) جملة حالية معترضة بين الشرط وجوابه وهو قوله (لم يقم لغضبه شيء) أي ما يدفعه عنه ويمنعه منه كما قال علي كرم الله وجهه كان صلى الله تعالى عليه وسلم لا يغضب للدنيا فإذا أغضبه الحق لم يعرف أحدا ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له؛ (وقال ابن عمر) كما رواه الدارمي (ما رأيت أشجع ولا أنجد) من النجدة وقد عرفت الفرق بينها وبين ما قبلها ولا يبعد أن المراد بالجمع بينهما المبالغة في وصف زيادة الشجاعة (ولا أجود) أي لا أسخى (ولا أرضى) أي باليسير فهو من باب القناعة أو ولا أسرع رضى من الرجوع عن الغضب فهو من قبيل حسن الخلق وجيمل العشرة قيل ولا أدوم رضى (من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) وضبط الدلجي ولا أحوذ بمهملة ومعجمة من حوذ يحوذ أي أجمع وهو مما استعمل بلا إعلال أي ما رأيت أحوذ يا اجمع لأموره لا يشذ عليه منها شيء متمكنا منها حسن السياق لها منه صلى الله تعالى عليه وسلم ومثله حديث عائشة رضي الله تعالى عنها تصف عمر كان والله أحوذيا نسيج وحده أي متمكنا في أموره حسن السياق لها انتهى والظاهر أنه تصحيف في المبنى بل وتحريف في المعنى لأن الأحوذي ليس أفعل التفضيل المناسب هنا للسياق من السباق واللحاق فقد قال صاحب القاموس الأحوذي الخفيف الحاذق والمشمر للأمور القاهر لها لا يشذ عليه شيء كالحويذ وأحوذ ثوبه جمعه والصانع القدح أخفه انتهى وقوله أحوذ وكذا استحوذ بمعنى غلب واستولى جاء على أصله من غير اعلاله وأما أفعل سواء كان وصفا أو تفضيلا فلا يعل كأسود وأجود؛ (وقال عليّ كرم الله وجهه) كما رواه أحمد والنسائي والطبراني والبيهقي (إنّا كنّا إذا حمي البأس) بهمز ويلين ومعناه ما في قوله. (ويروى اشتدّ البأس) وأما ما وقع في اصل الدلجي إذا حمي الوطيس فلا أصل له في النسخ المعتبرة والأصول المعتمدة (واحمّرت الحدق) بفتحتين جمع حدقة وهي ما احتوت عليه العين من سوادها وبياضها وسبب احمرارها غضب صاحبها وفي الحديث الغضب جمرة توقد في قلب ابن آدم أما ترى إلى انتفاخ أو داجه واحمرار عينيه (اتّقينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ) أي تحفظنا به وأخذناه وقاية لنا من عدونا وأعل أتقى بقلب واوه ياء لكسر ما قبلها ثم تاء وأدغمت (ولقد رأيتني) أي قال علي والله لقد رأيت نفسي (يوم بدر) أي وكذا غيري لقوله (ونحن نلوذ) أي نلتجئ ونستتر (بالنّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) وفي الحديث اللهم بك أعوذ وبك الوذ وفي أصل الدلجي ونحن نتقي برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفسره بنستتر ونحتمي إلا أنه ليس في الاصول المعتمدة الحاضرة (وهو أقربنا إلى العدوّ) أي والحال أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أقرب منا إلى عدونا وهو تصريح بما سبق من تلويح (وكان من أشدّ النّاس يومئذ) أي وقت البأس وشدة الحرب أو يوم حنين (بأسا) أي قوة قلب في شدة حرب وإذا كان حاله هذا في مثل هذا الوقت ففي سائر الأوقات بالأولى فلا يحتاج إلى قول الدلجي بل أشدهم مطلقا كما لا يخفى وما أحسن من قال من أرباب الحال: