مخففة أو مشددة (أو ما) أي أو عند إرادة فعل شيء (يكون تركه خيرا من فعله) والأول حياء الابرار والثاني حياء الأحرار وإذا وصف به ربنا سبحانه وتعالى كما ورد في الكتاب والسنة فالمراد به الترك اللازم للانقباض، (والإغضاء التّغافل) أي التجاوز (عمّا يكره الإنسان بطبيعته) أي بسجيته لا بشريعته إذ المكروه شرعا هو الداعي إلى الدين فإن الدين النصيحة ولأن الحياء من العلم مذموم على ما في الرواية الصحيحة (وكان النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم أشدّ النّاس) أي أقواهم (حياء وأكثرهم) بالنصب (عن العورات) متعلق بقوله (إغضاء) وأخر مراعاة للسجع ونصب حياء وإغضاء على التمييز وآثر الحياء بالأشدية لكونه سببا للإغضاء والسبب أقوى من مسببه لكونه منشئه وبعض أثره والعورات بسكون الواو جمع عورة وهي كل ما يجب ستره إذ الغالب عند كشفها أدرك المعرة لمن انكشفت منه فهي عورة ما دامت منكشفة ومنه ما ورد اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا (قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ ذلِكُمْ) أي مكثكم في بيته مستأنسين لحديث بعضكم بعضا (كان يؤذي النبي) أي وأنتم ما تدركونه (فيستحي منكم) أي من اخراجكم (الآية) أي قوله تعالى وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ أي من إظهاره فلا يترك بيان إسراره وكفى به شاهدا للعقلاء في تأديب الثقلاء. (حدّثنا أبو محمّد بن عتّاب) بفتح مهملة وتشديد فوقية وقد تقدم ترجمته (رحمه الله) جملة دعائية (بقراءتي عليه) أي الحديث الآتي (ثنا) أي حدثنا (أبو القاسم حاتم بن محمّد) أي التميمي المعروف بابن الطرابلسي قرأ عليه أبو علي الغساني البخاري مرات (ثنا أبو الحسن القابسيّ) بكسر الموحدة (ثنا أبو زيد المروزيّ) بفتح الميم وسكون راء وفتح واو فزاء (ثنا محمّد بن يوسف) أي الفربري (ثنا محمّد بن إسماعيل) أي الإمام البخاري (ثنا عبدان) بفتح مهملة وسكون موحدة فدال يقال إنه تصدق بألف ألف (ثنا عبد الله) أي ابن المبارك المروزي شيخ خراسان وقال الحلبي أبوه تركي مولى تاجر وأمه خوارزمية وقبره بهيت يزار ويتبرك به (انا) أي أَخْبَرَنَا (شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ) أي ابن أبي عتبة (مولى أنس) أي ابن مالك (يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عنه) كما في الصحيحين وأخرجه الترمذي في الشمائل وابن ماجه في الزهد (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أشدّ حياء من العذراء) بفتح المهملة فسكون المعجمة وبالراء والمد أي حياؤه أشد حياء من البنت العذراء وهي من لم تزل عذرتها أبي جلدة بكارتها (في خدرها) بكسر خاء معجمة وسكون دال مهملة أي حال كونها في داخل سترها فإنها حينئذ أشد حياء من غيرها وذهابه عنها عادة لمخالطتها ولذا نزل سكوتها منزلة إذنها في باب نكاحها ولو مع وليها؛ (وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ) أي عرفنا أنه كرهه بتغير وجهه ولو لم يتكلم بوجهه لأن وجهه مثل الشمس والقمر فإذا كره شيئا كسا وجهه ظل كالغيم عليهما (وكان صلى الله تعالى عليه وسلم لطيف البشرة) بفتحتين أي رقيق الجلدة العليا أي يتغير بأدنى كراهة والجملة كالعلة المبينة للسابقة (رقيق الظّاهر) تأكيد لما قبله أي يسرع أثر الحياء عليه ولله در القائل:
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
أو معناه كان لينا سهلا رفيقا مهلا (لا يشافه) أي لا يواجه (أحدا بما يكرهه) أي لا يخاطبه