للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصريحا بل يظهره تلويحا أو لا يخاطبه حاضرا ويؤيده ما سيأتي وأصل المشافهة هو المخاطبة من فيه إلى فيه ثم توسع فيه فقيل بمعنى واجهه ومنه حديث كلمه شفاها (حياء وكرم نفس) أي من أجل كثرة حيائه وكرم نفسه في سخائه وقد ورد أن الحياء خير كله ولا يأتي إلا بخير وأنه شعبة من الإيمان، (وعن عائشة رضي الله عنها) كما رواه أبو داود (كان النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ مَا يكرهه) أي شيء لا يعجبه (لم يقل ما بال فلان) أي حاله وشأنه بتعيين اسمه أو وسمه أو رسمه (يقول كذا) أي أو يفعل كذا (ولكن يقول) أي منكرا له (ما بال أقوام) بصيغة الجمع لإفادة عموم الحكم له ولغيره مع الإبهام (يصنعون) أي يفعلون (أو يقولون) شك من الراوي أو أريد به تنويع الصنفين من الفعل والقول (كذا) إشارة إلى ما انكره (ينهى عنه) أي عما أنكره تلويحا (ولا يسمّي فاعله) أي تصريحا إذ المقصود المعتبر هو نهي المنكر لا خصوص فاعله من البشر. (وروى أنس) كما رواه أبو داود (أنّه) أي الشأن أو النبي عليه السلام (دخل عليه رجل) وهو غير معروف (به أثر صفرة) أي بعينه أو علامة من طيب كزعفران ونحوه (فلم يقل له شيئا) أي مشافهة (وكان لا يواجه أحدا) أي لا يقابله (بما يكره) أي حياء (فلمّا خرج) أي الرجل (قال) أي لأصحاب مجلسه (لو قلتم له يغسل هذا) أي الأثر الذي به لكان حسنا فالجواب مقدر ولو للتمني وقوله يغسل خبر معناه الأمر أو التقدير ليغسل (ويروى ينزعها) بكسر الزاء أي يزيلها أو يفسخ المتلطخ بها وإنما كرهها لأنها من زي النساء وحليهن وأما قول التلمساني ينزع بفتح الزاء لا غير فوهم بناء على ما هو المفهوم من القاموس أنه بكسر الزاء ومنه قوله تعالى يَنْزِعُ عَنْهُما بكسر الزاء اتفاقا نعم شرط الفتح موجود لكن لا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط بخلاف عكسه كما هو مقرر في محله ثم اعلم أن هذه الأخلاق الحسنة والأوصاف المستحسنة كانت غالبة عليه وسجية داعية إليه فلا ينافيه ما وقع من النوادر لحكمة من إرادة الزواجر أو لبيان الجواز في الظواهر من حديث سواد بن عمرو قال اتيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا متخلق فقال وَرْسٌ وَرْسٌ حُطَّ حُطَّ وَغَشِيَنِي بِقَضِيبٍ فِي يده الحديث كما أورده المؤلف في أواخر القسم الثالث والله تعالى أعلم (قالت عائشة رضي الله عنها) كما رواه الترمذي (في الصّحيح) أي من الحسن الصحيح في جامعه وشمائله (لم يكن النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم فحّاشا) أي ذا فحش في كلامه وهذا يدل على كثرة حيائه وشدة صفائه ويروى فحاشا أي ذا فحش فالصيغة للنسبة لا للمبالغة وأصل الفحش هو الخروج عن الحد والفواحش عند العرب القبائح (ولا متفحّشا) أي متكلفا له ولله درها إذ نفت عنه الفحش طبعا وتكلفا (ولا سخّابا) بتشديد الخاء المعجمة أي ولا صاحب رفع صوت (بالأسواق) لحسن خلقه وكرم نفسه وشرف طبعه وحيائه من ابناء جنسه ويروى في الأسواق وفيه احتراز عن المساجد لضرورة رفع صوته حال القراءة والخطبة ثم السوق أما من قيام الناس فيها على سوقهم وإما من سوق الأرزاق إليها (ولا يجزي) بفتح أوله وكسر الزاء وسكون الياء أي ولا يجازي (بالسّيئة السّيّئة) أي الواصلة إليه الحاصلة منه وسميت الثانية سيئة مشاكلة أو صورة أو

<<  <  ج: ص:  >  >>