للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتها) من كمال تواضعه لها وملاطفته معها. (قال أنس رضي الله تعالى عنه) على ما رواه أبو داود والبيهقي (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يركب الحمار) بل عريانا أحيانا (وَيُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ وَكَانَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ) أي زمن غزوتهم وهي عقب غزوة الخندق (راكبا على حمار مخطوم) أي في رأسه خطام وهو حبل كالزمام (بحبل من ليف) أي ورق نخل (عليه إكاف) جملة حالية من ضمير مخطوم والإكاف بكسر الهمزة أو ضمها البردعة أو ما يشد فوقها. (قال) أي أنس رضي الله تعالى عنه (وكان يدعى إلى خبز الشّعير، والإهالة) وهي بكسر الهمزة كل ما يؤتدم به من الأدهان وقيل ما أذيب من الشحم والإلية (السّنخة) بفتح السين المهملة وبكسر النون أي المتغيرة الرائحة الزنخة (فيجيب) أي من دعاه إلى ذلك. (قال) أي أنس (وحجّ صلى الله تعالى عليه وسلم على رحل) أي كور أو قتب وهو للبعير كالسرج للفرس (رثّ) بتشديد المثلثة أي خلق بال (وعليه) أي وعلى كتفه أو على رحله (قطيفة) أي كساء له خمل (ما تساوي أربعة دراهم فقال) أي مع هذا كله (اللهمّ اجعله حجّا) بفتح الحاء وكسرها على ما قرئ بهما في السبع وزيد في نسخة مبرورا (لا رياء فيه ولا سمعة) بل اجعله خالصا لوجهك الكريم (هذا) مبتدأ محذوف الخبر من اسمي فعل أمر وإشارة يورد كأما بعد للانتقال من أسلوب مقال إلى مقال آخر من الأحوال والواو بعده الحال ويذكر بعده خبره كما في قوله تعالى هذا ذِكْرُ أي تأمل هذا الصنيع الجليل والقصد الجميل يورثاك تعجبا من حجه على تلك الهيئة من التواضع والاستكانة كذا حققة الدلجي والأظهر أن يقال إنه مركب من كلمتي التنبيه والإشارة أي تنبه لهذا (وقد) أي والحال أنه قد (فتحت عليه الأرض) أي وألقت أفلاذها من ذهب وغيره من فلذاتها إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (وأهدى) كما روى مسلم عنه (في حجّه ذلك) أي عام الوداع (مائة بدنة) أي ناقة تقربا إلى ربه وإرشادا لمن يقتدى به وإيماء إلى أن ترك تكلفه في ثوبه ومركوبه لم يكن عن افتقار به وقد نقل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نحر بيده الكريمة ثلاثا وستين بقدر سني عمره وأمر عليا كرم الله وجهه بنحر البقية في يومه (ولمّا فتحت عليه مكّة) على ما رواه ابن إسحاق والبيهقي عن عائشة رضي الله تعالى عنها والحاكم والبيهقي وأبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لما فتحت عليه مكة (ودخلها بجيوش المسلمين) أي بأصناف منهم (طأطأ) بهمزتين أولاهما ساكنة وقد تبدل وثانيتهما مفتوحة أي خفض مفتوحة وأطرق وأرخى (على رحله) أي حال كونه راكبا فوقه (رأسه) مفعول طأطأ (حتّى كاد) أي قارب صلى الله تعالى عليه وسلم (يمسّ) بفتح الميم كقوله تعالى لا يَمَسُّهُ وقال التلمساني بضم الميم لا غير والظاهر أنه وهم منه أي يصيب برأسه أو قارب رأسه أن يمس (قادمته) أي مقدمة رحله فحتى غاية لطأطأة رأسه وقوله (تواضعا لله) مفعول لأجله وفيه إيماء إلى ما يشير إليه قوله تعالى وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>