إلى مخاصمة وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم كما رواه الشيخان (ونحن أحقّ بالشّكّ من إبراهيم) أي إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى إنما صدر عنه تواضعا لربه وهضما لنفسه لا اعترافا به في حق إبراهيم ولا في حقه فكأنه قال إذا كنت لم أشك في إحياء الله الموتى فإبراهيم بعدم الشك أولى فأثبته لهما بنفي الشك عنهما وقيل بل قال ذلك على سبيل التقديم لأبيه أي أنه لم يشك ولو شك لكنت أنا أحق بالشك منه ثم قوله رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى شاهد صدق بأن سؤاله لم يكن من قبل الشك والشبهة بل من قبل رؤية تلك الكيفية العجيبة الدالة على كمال قدرته الباهرة شوقا إلى معرفتها مشاهدة كاشتياقنا إلى رؤية الجنة معاينة والحاصل أنه عليه الصلاة والسلام أراد بقوله أرني الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم ليس الخبر كالمعاينة ويدل عليه بقية الآية حيث قال تعالى أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وأما قوله صلى الله تعالى عليه وسلم، (ولو لبثت) أي لو مكثت (في السّجن) فرضا وتقديرا (ما لبث يوسف) بتثليث السين مهموز أو غيره ست لغات أي مدة لبثه في السجن (لأجبت الدّاعي) وهو رسول الملك والمعنى لأسرعت إلى إجابة دعوته مبادرة إلى الخلاص من السجن ومحنته قال ذلك هضما لنفسه ورفعة لمقام يوسف ورتبته وإيثارا للأخبار بكمال تثبته وحسن نظره في بيان نزاهته وإظهار براءته وحمدا لصبره وترك عجلته وتنبيها على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وإن كانوا من الله بمكان لا يرام فهم بشر يطرأ عليهم من الأحوال بعض ما يطرأ على غيرهم من الأنام وأن ذلك لا يعد نقصا لهم في مقام المرام وتمام النظام (وقال) أي النبي عليه الصلاة والسلام على ما رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال (للذي قال له) أي خاطبه بقوله (يا خير البريّة) بالتشديد والهمز على ما قرىء بهما في السبع أي الخليقة (ذاك إبراهيم) تعليما لأبوته وتعليما لأمته ودفعا للافتخار عن ذاته. (وسيأتي الكلام على هذه الأحاديث) أي على حل ما فيها من الاشكال الذي تقدم بعض الأجوبة عنه (بعد هذا) أي محل اليق منه (إن شاء الله تعالى) أي بيانه فيه. (وعن عائشة والحسن) أي البصري (وأبي سعيد) أي الخدري وكان حقه أن يقدم على الحسن اللهم إلا أن يراد به الحسن بن علي كرم الله وجهه لكن قاعدة المحدثين أن الحسن إذا أطلق فهو البصري (وغيرهم) أي وغير المذكورين أيضا كما رواه البخاري وغيره (في صفته) أي نعته صلى الله تعالى عليه وسلم (وبعضهم يريد على بعض) أي وبعض الرواة منهم يزيد على بعضهم بعض العبارات في تفصيل الصفات ومجمله قوله. (وكان في بيته في مهنة أهله) بفتح الميم وكسره وأنكره الأصمعي ورجحه المزي بقوله وهو أوفق لزنته ومعناه أي خدمة أهله وفي الحديث ما على أحدكم لو اشترى ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته في أهله مما يتعين عليهم رفقا بهم ومساعدة لهم وتواضعا معهم وبيانه قوله (يفلي ثوبه) بكسر اللام