للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وربّما) بالتشديد والتخفيف (جلس القرفصاء) بضم القاف والفاء وروي بكسرهما وبمد وقصر فيهما وعن الفراء إذا ضممت مددت وإذا كسرت قصرت ومعناه عن أبي عبيد أن يجلس على اليتيه ملصقا بطنه بفخذيه محتبيا بيديه (وهو) أي جلوسه القرفصاء على ما رواه الترمذي (في حديث قيلة) بفتح قاف فسكون تحتية بنت مخرمة العنبرية وقيل العدوية وقد تقدم (وكان كثير السّكوت) لتفكره في مشاهدة الملكوت وتذكره مطالعة الجبروت (لا يتكلّم في غير حاجة) أي من قضية ضرورية دينية أو دنيوية أو مسألة عملية أو علمية لقوله تعالى وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ولحديث أن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، (يعرض عمّن تكلّم بغير جميل) أي بما لا يستحسن ذكره ولا يباح أمره إذا صدر عمن تكلم بناء على جهله لقوله تعالى وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ والظاهر أن المراد بالإعراض هو الصفح وعدم الاعتراض فيختص بالمكروهات التنزيهية على مقتضى القواعد الشرعية وأما المحرمات القطعية وكذا المكروهات التحريمية فلا بد للشارع من أن يأمر ويزجر قياما بحق النبوة والرسالة وأما قول الدلجي في تفسير غير جميل حراما أو مكروها إذ لا يقر على باطل وإعراضه كاف عن انكاره صريحا لإشعاره بعدم رضاه به فهو ليس من الحمل الجميل لأن الإنكار القلبي لا يكون كافيا إلا للعاجز عن إنكاره بيده ولسانه وهذا غير متحقق في زمانه لا سيما بالنسبة إلى عظمة شأنه وإن كان زماننا هذا يكتفي فيه بالسكوت وملازمة البيوت والقناعة بالقوت إلى أن يموت على محبة الحي الذي لا يموت، (وكان ضحكه) بكسر فسكون وروي بفتح فكسر (تبسّما) أي من جهة الابتدائية كقوله تعالى فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها أو من طريقة الأغلبية لما في الشمائل للترمذي من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم وأما القهقهة فمنفية ويمكن حمله على ظاهره من عمومه لما في الشمائل أيضا من حديث جابر بن سمرة وكان لا يضحك إلا تبسما لكن الشراح حملوه على غالب حاله وقيل كان لا يضحك في أمر الدنيا إلا تبسما أما في أمر الآخرة فكان قد يضحك حتى تبدو نواجذه على ما في الترمذي أيضا وهو توفيق حسن وجمع مستحسن (وكلامه فصلا) أي وكان كلامه فرقا بين الحق والباطل أو فاصلا بين الحلال والحرام وأو بينا يتبينه كل من سمعه ولا يشتبه على من يتفهمه وما ذلك إلا لجعله تعالى له مبينا للأنام في مشكلات الأحكام كَمَا قَالَ تَعَالَى لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ او مختصرا ملخصا لقوله (لا فضول) بالفتح أي لا زيادة في كلامه (ولا تقصير) أي ولا نقصان عن قدر الحاجة أو لا إيجاز ولا إطناب بل التوسط المحمود في كل باب بالجمع بين المباني اليسيرة والمعاني الكثيرة، (وكان ضحك أصحابه عنده) أي في حضرته (التّبسّم) أي لا غير (توقيرا له) أي تعظيما لحرمته (واقتداء به) أي في كيفية ضحكه وهيئته.

(مجلسه مجلس حكم) بضم فسكون أي مجلس علم بالأحكام أو عمل بالعدل في حق

<<  <  ج: ص:  >  >>