للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنام ولو ثبت كسر حاء وفتح كا لكان له وجه وجيه في المرام بأن يكون مجلسه للصحبة ملآن من أنواع الحكمة ويؤيده أن رواية الترمذي مجلس علم وفي نسخة بكسر حاء وسكون لام وكذ وقع في أصل الدلجي وهو ملكة تورث التؤدة وعدم العجلة عند حركة الغضب وداعية العقوبة (وحياء) أي ومجلس حياء مشتمل على صفاء وضياء وهي ملكة تمنع مما لا يليق فعله في الحضرة والغيبة (وخير) أي ومجلس كل خير من خيري الدنيا والآخرة فهو تعميم بعد تخصيص (وأمانة) أي مجلس أمانة دون خيانة تخصيص للاهتمام بأمرها لتعلقها بغير صاحبها ولذا ورد لا إيمان لمن لا أمانة له على ما رواه أحمد وابن حبان في صحيحيهما عن أنس رضي الله تعالى عنه (لا ترفع) بصيغة المجهول مذكرا أو مؤنثا (فيه) أي في مجلسه (الأصوات) تأدبا لسيد الكائنات ولقوله سبحانه وتعالى لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ الآيات (ولا تؤبن) بضم فسكون همز وتبدل وفتح موحدة مخففة وقد تشدد أي لا ترمى بصريح ولا تذكر بقبيح (فيه الحرم) بضم وفتح جمع الحرمة وهي ما لا يحل انتهاكه وروي بضمتين بمعنى النساء من الأهل وما يحميه الرجل والمعنى لا تقذف ولا تعاب من ابنته أي رميته بسوء ومنه حديث النهي عن شعر تؤبن فيه النساء وكذا حديث الإفك أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي وحاصله أن مجلسه كان يصان من رفث القول وفحش الفعل وقد تصحف على اليمنى حيث قال مأخوذ من المآثر واحدها مأثرة ويحتمل لا تؤبر أي لا تلدغ من أبرته العقرب لدغته انتهى، (إذا تكلّم) أي هو صلى الله تعالى عليه وسلم (أطرق جلساؤه) أي خفضوا رؤوسهم وسكنوا نفوسهم (كأنّما) بزيادة ما الكافة (على رؤوسهم الطّير) يجوز في مثله ثلاثة أوجه بحسب القراءة وهي كسر الهاء وضم الميم وكسرهما وضمهما وفي التشبيه تنبيه على المبالغة في وصفهم بالسكوت والسكينة وعدم الخفة لأن الطير لا يكاد يقع إلا على شيء ساكن من الحركة. (وفي صفته) أي وجاء في نعت مشيه على ما في الشمائل وغيره (يخطو) بضم طاء وسكون واو أي يمشي (تكفّؤا) بضم فاء مشددة فهمزة وتبدل وفي نسخة بكسر فاء وفتح تحتية أي تمايلا إلى قدام قال النووي وزعم كثيرون أن أكثر ما يروى بلا همز وليس كما قالوا انتهى وقال صاحب النهاية هكذا روي غير مهموز والأصل الهمز وبعضهم يرويه مهموزا لأن مصدر تفعل من الصحيح تفعلا كتقدم تقدما وتكفأ تكفؤا والهمزة حرف صحيح وأما إذا اعتل انكسر عينه نحو تسمى تسميا وتخفى تخفيا فإذا خففت الهمزة التحق بالمعتل فصار تكفيا بالكسر (ويمشي هونا) أي مشيا هونا لقوله تعالى وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً أي سكونا لا سريعا ولا بطيئا ولا خيلاء بل افتقارا للحق وتواضعا للخلق وفي رواية الهويني تصغير هوني تأنيث أهون فالتقدير مشية هوينى (كأنّما ينحطّ) بتشديد الطاء أي ينزل (من صبب) بفتحتين وموحدتين أي منحدر ويلزم منه الميل إلى القدام لا السرعة المنافية لمقام المرام كما زعم من ليس له في هذا الفن المام وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>