للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أن الأمرين غالبيان لتصور خلافهما في بعض افراد الإنسان وفي الحديث اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي فالجمع بينهما كمال الجمال (حسن الصّوت) قال تعالى يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ قرئ بالحاء المهملة وإن كانت المعجمة لهما شاملة (وَكَانَ نَبِيُّكُمْ أَحْسَنُهُمْ، وَجْهًا وَأَحْسَنُهُمْ صَوْتًا صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي من الكل فيشتمل حسن صورة يوسف وصوت داود باعتبار الصباحة والملاحة وزيادة البلاغة والفصاحة هذا وقد قيل يوسف أعطي شطر حسن آدم وقيل شطر حسن جدته سارة لأنها لم تفارق الحور إلا فيما يعتري الآدمية من الحيض وغيره وقد أعطي محمد صلى الله تعالى عليه وسلم كمال الجلال والجمال من تمام الصباحة فما رآه احد إلا هابه ومن تمام الملاحة فما رآه أحد إلا أحبه وفي الحديث دلالة على جواز مثل هذه الإضافة إذا لم يرد بها المهانة أو البراءة. (وفي حديث هرقل) على ما في الصحيحين من أنه قال لأبي سفيان (وَسَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَنْسَابِ قَوْمِهَا) والزعم قد يستعمل بمعنى القول ولعله استعمل بمعنى الظن لما يوهم من معنى التهمة أو لأن أمر النسب مبني على غلبة الظن لا على الحقيقة كما روي عن ابن سلام في قوله تعالى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وقد رفع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم هذا الوهم في نسبه بما ورد عنه في أحاديث مضمونها أني ولدت من أب إلى أب إلى آدم كلهم من نكاح ليس فيهم سفاح وهذا كله على مقتضى ما وقع في أصل الدلجي وأما على ما صح عندنا من النسخ المعتمدة فذكرت أنه فيكم فلا إشكال (وقال تعالى في أيّوب) أي في نعته (إِنَّا وَجَدْناهُ) أي علمناه أو صيرناه (صابِراً) بتخليقنا أو بتوفيقنا (نِعْمَ الْعَبْدُ) أي أيوب مبتدأ خبره ما قبله وخص بالمدح لصبره على بلائه ورضاه بقضائه ولا يضره شكواه ما به من ضر إلى مولاه (إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: ٤٤] ) أي كثير الرجوع إلى الله وقال الانطاكي أي تواب والتحقيق هو الفرق بين أواب وتواب بأن التوبة عن المعصية والأوبة عن الغفلة قيل كان ببلاد حوران وقبره مشهور عندهم بقرب نوى وفي قربه عين جارية يتبركون بها على زعم أنها المذكورة في القرآن (وقال تعالى: يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ) أي التوراة (بِقُوَّةٍ [مريم: ١٢] ) أي بجد وجهد ومبالغة في مواظبته (إلى قوله: وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

[مريم: ١٥] ) وهو قوله سبحانه وتعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ أي الحكمة أو النبوة أو المعرفة بالشريعة صبيا وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا أي رحمة وشفقة منا عليه أو رحمة وتعطفا في قلبه على أبويه وزكاة أي طهارة أو نماء ورفعة وكان تقيا أي عن المعاصي نقيا وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ

أي مبالغا في برهما ولم يكن جبارا متكبرا عصيا عاقا وَسَلامٌ

أي من الله عليه يَوْمَ وُلِدَ

أي من أن يمسه الشيطان كغيره من بني آدم كما أخبر به صلى الله تعالى عليه وسلم وَيَوْمَ يَمُوتُ

أي من ضمة القبر ونحوها أي حين يدفن في حجرته عليه السلام وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا

من هول القيامة وخوف العقوبة قال سفيان بن عيينة أوحش ما يكون الإنسان في هذه الأحوال الثلاثة يوم ولد فيخرج مما كان ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر لم ير نفسه فيه فخص يحيى

<<  <  ج: ص:  >  >>