للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسلامة في هذه المواطن قلت ولعل وجه تخصيصه ما روي عنه صلى الله تعالى عليه وسلم مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَلَمَّ بِذَنْبٍ أَوْ كاد إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام (وقال تعالى: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ) من التبشير أو البشارة لثبوتهما في السبعة (بِيَحْيى إلى الصَّالِحِينَ) يعني قوله مصدقا بكلمة من الصالحين أي القائمين بحقوق الله تعالى وحقوق عباده أجمعين (وقال: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) أي اختارهما (وَآلَ إِبْراهِيمَ) أي إسماعيل وإسحاق وأولادهما ومنهم نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم من نسل إسماعيل ويدخل إبراهيم في من اصطفى دخولا أوليا كما لا يخفى (وَآلَ عِمْرانَ [آل عمران: ٣٣] ) أي موسى وهارون ابني عمران بن يصهر أو عيسى وأمه بنت عمران بن ماثان وكان بين العمرانين ألف وثمانمائة سنة على ما ذكره الدلجي (الآيتين) يعني قوله عَلَى الْعالَمِينَ أي على عالمي زمانهم أو على المخلوقين جميعهم ذرية أي حال كونهم ذرية واحدة بعضها من بعض في الديانة وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ بأقوالهم وأحوالهم فاصطفاهم لعلمه بهم (وَقَالَ فِي نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً [الإسراء: ٣] ) حامدا لله في جميع حالاته مع القيام بوظائف طاعاته قيل كان نوح عليه الصلاة والسلام إذا أكل طعاما أو شرب شرابا أو لبس ثوبا قال الحمد لله فسمي عبدا شكورا أي كثير الشكر (وقال) أي بعد قوله تعالى إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ (اللَّهَ يُبَشِّرُكِ) بالوجهين (بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) أي بوجود من يخلق بأمركن من عنده سبحانه بغير واسطة وجود أب (اسْمُهُ الْمَسِيحُ) مبتدأ وخبر أي مسح بالبركة والميمنة أو مسح الأرض بالسياحة (إلى الصَّالِحِينَ [آل عمران: ٤٥- ٤٦] ) وهو قوله عيسى ابن مريم وجيها حال مقدرة أي ذا وجاهة في الدنيا بالنبوة والآخرة بالكرامة والشفاعة ومن المقربين في الحضرة وصحبة الملائكة وعلو الدرجة في الجنة ويكلم الناس أي ومكلما لهم في المهد وكهلا أي طفلا وكهلا كلام الأنبياء من غير قصور في الحالين من تغيير الإنباء ومن الصالحين فيه إشارة إلى أن مرتبة الصلاح غاية الفوز والفلاح (وقال تعالى) أي حكاية عن عيسى (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) انطقه الله به في أول الحالات لكونه مبتدأ المقامات ولكون ردا على من زعم الوهيته من أهل الضلالات (آتانِيَ الْكِتابَ) أي الإنجيل (إلى ما دُمْتُ حَيًّا [مريم: ٣٠- ٣١] ) أي قوله تعالى وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أي نفاعا للغير معلما للخير أين ما كنت وَأَوْصانِي أي أمرني بالصلاة والزكاة أي إن ملكت مالا أو بالصدقة على حسب الطاقة أو طهارة النفس من الخباثة ما دمت حيا أي في مدة حياتي إلى ساعة مماتي (وقال) أي في حق موسى عليه الصلاة والسلام (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى [الأحزاب: ٦٩] الآية) يعني فبرأه الله مما قالوا أي حيث قذفوه بعيب في بدنه برصا أو أدرة لفرط تستره حياء على وفق طبعه وشرعه فأطلعهم الله على براءته منه ونزاهته عنه وكان عند الله وجيها أي ذا وجاهة وقربة عند ربه عندية مكانة لا مكان لتنزهه سبحانه وتعالى (قال النّبي صلى الله تعالى عليه وسلم) كما رواه الشيخان (كان موسى رجلا حييّا) بكسر التحتية الأولى وتشديد الثانية فعيل بمعنى شديد الحياء في جميع الأحوال (ستيرا) بكسرتين مع تشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>