للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانه وتعالى (بأوصاف) أي نعوت معنوية لا كما توهم الدلجي من زيادة حسية (جمّة) أي كثيرة (من الصّلاح) من بيانية وهو مستفاد من قوله كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ (والهدى) أي من صدر الآية وختمها (والاجتباء) من قوله وَاجْتَبَيْناهُمْ (والحكمة) أي الحكم (والنّبوّة) من قوله تعالى أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وكان ينبغي أن يذكر نعت الاحسان قبل الصلاح فإنه مستفاد من قوله تعالى وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (وقال وَبَشَّرُوهُ) أي إبراهيم (بِغُلامٍ عَلِيمٍ [الذاريات: ٢٨] ) أي كثير العلم (وحليم) أي وفي آية أخرى بِغُلامٍ حَلِيمٍ أي ذي حلم وحاصله أنه جامع بين العلم والحلم ولا يخفى حسن تقدم العلم ولعل هذا وجه تقديم المصنف له مع أن ترتيب القرآن عكس ذلك حيث جاء في الصافات حليم بالحاء وفي الذاريات عليم بالعين على احتمال خلاف ذلك باعتبار حال النزول لكن كان حقه أن يقول فبشرناه بغلام حليم وبشروه بغلام عليم فإن ما فعله اقتصار محل لا سيما اقتصاره على قوله فبشرناه فإنه لا يصح إلا مع قوله بغلام حليم بالحاء وإلا فيلزم منه التركيب الممنوع في علم القراءة كالتلفيق المنهي في المعاملة ثم المبشر به إسماعيل وهو أصح من القول بأنه إسحاق وقد تقدم والله تعالى أعلم (وَلَقَدْ فَتَنَّا) أي امتحنا (قَبْلَهُمْ) أي قبل كفار مكة (قَوْمَ فِرْعَوْنَ أي معه بإرسال موسى إليهم وإيقاع الفتنة بالإمهال في العقوبة وتوسعة الرزق عليهم (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) أي على الله والمؤمنين أو في نفسه لشرف نسبه وفضل حسبه (إلى أَمِينٌ [الدخان: ١٧- ١٨] ) وهو قوله أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ أي حق الدعوة من الإجابة وقبول الطاعة عباد الله أي يا عباد الله أو سلموهم إلى وأرسلوهم معي إلى حيث ما أمر الله إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ غير متهم في أمر الدين (وقال) أي حكاية عن إسماعيل خطابا لوالده إبراهيم عليهما السلام عند قصد ذبحه بأمر ربه لما رأى في نومه (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصَّافَّاتِ: ١٠٢] ) أي على حكم الله وقضائه أو في ابتلائه من أمره بذبحه (وَقَالَ فِي إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ [مريم: ٥٤] ) وخص به لأنه وعد بالصبر على ذبحه وقد وفى بوعده (الآيتين) أي تمامهما وهو قوله وَكانَ رَسُولًا أي إلى قبيلة جرهم نبيا لعله أخر للفاصلة أو دفعا لتوهم كونه رسولا بالواسطة كقوله سبحانه وتعالى إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ أي من أصحاب عيسى عليه الصلاة والسلام وكان يأمر أهله أي أهل بيته أو جميع أمته بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا أي في مقاله وفعاله وحاله (وفي موسى) أي وقال في حقه (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً [مريم: ٥١] ) أي لربه في عبادته عن الرياء وعن متابعة هواه بل طالبا لرضاه إذ سلم وجهه لله وأخلص نفسه عما سواه وفي قراءة للسبعة بفتح اللام أي أخلصه الله واختاره لنفسه واجتباه وهذا أكمل مقام في منازل السائرين وأفضل حال في مراحل الطائرين وتمام الآية وكان رسولا نبيا (وفي سليمان نِعْمَ الْعَبْدُ) أي قال في حقه هذا القول (إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: ٣٠] ) أي كثير الرجوع إلى رب الأرباب (وقال) أي في حق جماعة منهم (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) وقرأ ابن كثير عبدنا فالمراد به إبراهيم لخصوصية أو الإضافة جنسية فتوافق الجمعية

<<  <  ج: ص:  >  >>