وروي بذال معجمة أي متواضعين أو منقادين (قلت) القائل هو الحسين بالتصغير لأبيه رضي الله تعالى عنهما (فَأَخْبِرْنِي عَنْ مَخْرَجِهِ كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِيهِ) لا تتبع في جميع أفعاله من دخوله وخروجه وسائر أحواله (قال) أي علي (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يحزن لسانه) بضم زاي أي يجعله مخزونا ومحبوسا وممنوعا (إلّا ممّا يعنيهم) بكسر النون أي يهمهم وينفعهم وفي نسخة من الإعانة أي يساعدهم ويقوي دينهم من جواهر لفظه وزواجر وعظه ومنه:
إذ المرء لم يخزن عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بخازن
(ويؤلّفهم) بتشديد اللام أي يوقع الألفة بينهم من سحائب كرمه وسواكب نعمه فيجمعهم (ولا يفرّقهم) بتشديد الراء أي لا يتكلم بما ينفرهم لأنه برحمة من الله لان لهم (يكرم) من الإكرام أي يعظم (كريم كلّ قوم) أي رئيسهم وشيخهم ويقول أيضا إذ أتاكم كريم قوم فأكرموه كما رواه ابن ماجة وغيره (ويولّيه) بتشديد اللام أي يجعله واليا (عليهم) أي تألفا به وبهم (ويحذر النّاس) أي لقوله تعالى وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عن بعض ما أنزل الله إليه ثم عطف بالتفسير قوله (ويحترس منهم) أي يتحفظ عنهم ففي الحديث الحزم سوء الظن وفي لفظ احترسوا من الناس بسوء الظن والمعنى لا تثقوا بكل أحد منكم فإنه أسلم لكم فهو لا ينافي قوله تعالى إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ او فيحذر من الغائب ويحترس من الحاضر والمراد من الناس جنسهم كالأعرابي لأجميعهم في هذا الباب (من غير أن يطوي) بكسر الواو أي يمنع (عن أحد) وفي نسخة على أحد (بشره) بكسر الموحدة أي بشاشة بشرة وجهه وطلاقته (وخلقه) أي حسن عشرته وطراوته وهذا في حق من حضر منهم في خدمته إذا وجدوا (ويتفقّد أصحابه) أي يتعرف أحوالهم إذا غابوا وفقدوا (ويسأل النّاس عمّا في النّاس) أي مما يوجب التفقد والتفحص للاستئناس (ويحسّن الحسن) بتشديد السين وتخفف أي يبين حسن ما يكون حسنا ويجعله مستحسنا (ويصوّبه) بتشديد الواو أي يحكم بكونه صوابا ترغيبا فيه وتحريضا عليه وروي ويقويه (ويقبّح القبيح ويوهنه) بتشديد الياء والهاء مشددة أو مخففة بعدها نون او ياء أي يظهر قبحه وضعفه تنفيرا عنه وتحذيرا منه (معتدل الأمر) أي كان أمره وشأنه كله في غاية من الاعتدال ونهاية من كمال الجمال مما للقلب فيه راحة وللعين قرة (غير مختلف) حال مؤكدة أي غير مفرط ولا مفرط أو غير متناقض ولا متعارض (لا يغفل) بضم الفاء أي لا يظهر الغفلة بالمرة لأرباب الصحبة (مخافة أن يغفلوا أو يملّوا) بفتح ميم وتشديد لام أي يسأموا وأو للتنويع (لكلّ حال) أي من أحوال الدنيا والعقبى (عنده عتاد) بفتح مهملة ومثناة فوقية أي عدة زاد ومعد معاد (لا يقصّر عن الحقّ) أي لا يفرط في إقامته (ولا يجاوزه إلى غيره) أي ولا يتعدى عن غاية مرتبته (الذين يلونه) أي يقربونه (من النّاس خيارهم) مبتدأ وخبر (وأفضلهم عنده أعمّهم نصيحة) أي لله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم كافة وقد ورد خير الناس أنفعهم للناس والنصيحة الخلوص لغة وهي كلمة جامعة