فلان وهذا مصرع فلان فبلغ ذلك قريشا فسخروا منه (وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إِنَّهُ قَدْ سَمَّاهَا فِي الْحَدِيثِ) أي المتقدم (مَنَامًا وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بَيْنَ النَّائِمِ واليقظان) بفتحتين (وقوله أيضا) أي في الحديث (وهو نائم وقوله ثمّ استيقظت) أي كما في حديث آخر (فلا حجّة فيه) أي في كل واحد منها لعدم تصريح في الدلالة بها (إِذْ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَوَّلَ وُصُولِ الْمَلَكِ إليه كان وهو نائم) أي كما يدل عليه حديث الحسن البصري بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحِجْرِ جَاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السلام فهمزني بعقبه فجلست الحديث (أو أوّل حمله) أي ويحتمل أن أول أخذه (والإسراء به وهو قائم) أي في حال نومه لحديث وهو نائم بالمسجد الحرام ولا يلزم منه استمرار المنام (وليس في الحديث) أي في حديث ما لا صحيح ولا ضعيف (أنّه كان نائما في القصّة كلّها) أي في قضية الإسراء جميعها من أولها إلى آخرها (إلّا ما يدلّ عليه) أي في الجملة قوله (ثمّ استيقظت وأنا في المسجد الحرام) لكن يحتمل احتمالات تمنع صحة الاستدلال بها على تصحيح المنام وتصريح المرام؛ (فلعلّ قوله استيقظت بمعنى أصبحت) إذ الاستيقاظ غالبا يكون حالة الاصباح فعبر به عنه مجازا وهذا لا يخفى بعده (أو استيقظ) وفي نسخة صحيحة أو استيقظ (من نوم آخر) أي حدث حال نزوله (بعد وصوله بيته ويدلّ عليه) أي على كونه نوما آخر (أنّ مسراه لم يكن طول ليله) أي في جميعه (وإنّما كان في بعضه) أي ذهابا أو إيابا كما يشير إليه تنكير ليلا (وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهُ اسْتَيْقَظْتُ وَأَنَا فِي الْمَسْجِدِ الحرام لما كان غمره) بالغين المعجمة ثم الراء أي لأجل ما غشيه وعلا قلبه وغطاء (من عجائب ما طالع من ملكوت السّموات والأرض) قال المحققون إن الملك ظاهر العالم والملكوت باطنه وقيل الملكوت الملك العظيم (وخامر) بالخاء المعجمة أي خالط ومازج (باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى) أي من ملائكة السماء وأصل الملأ الجماعة من الاشراف والوجوه مما يملأ العيون كثرة وعزة وأراد بالملأ الأعلى الملائكة المقربين وصفوا بذلك لعلو مكانهم أي لعلو منزلتهم وشأنهم عند ربهم (وما رأى من آيات ربّه الكبرى) أي وما حصل له من شهود الكثرة في الوحدة ووجود الوحدة في الكثرة ونور الوحدة بلا ظهور الكثرة والاستغراق في بحور الشهود ولجة الوجود والذهول عن غير المعبود والمقصود (فلم يستفق) أي لم ينتبه (ويرجع) أي ولم يعد من مشاهدة التجليات الإلهية (إلى حال البشريّة) أي من اقتضاء صفات العنصرية (إلّا وهو بالمسجد الحرام) هذا وقول الدلجي خامر أي ستر ليس في محله وما ذكر فيه من الشاهد أيضا غير ملائم وهو قوله كتب أبو الدرداء إلى سلمان يدعوه إلى الأرض المقدسة فكتب يا أخي إن بعدت الدار من الدار فإن الروح من الروح قريب وطير السماء على أرفه خمر الأرض يقع أي على أخصب ساتر فيها أراد أن وطنه ارفه له وأرفق به فلا يفارقه (ووجه ثالث) أي في الجمع بين الروايات المتفرقة والرد على من زعم أن الإسراء إنما كان بروحه فقط (أَنْ يَكُونَ نَوْمُهُ وَاسْتِيقَاظُهُ حَقِيقَةً عَلَى مُقْتَضَى لفظه) أي المفاد منه بطرفي حديث أنس رضي الله تعالى عنه وهو قوله وأنا نائم في المسجد