هذا الحديث الذي ساقه القاضي هنا هو في البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وهو في البخاري في التفسير عن يحيى عن وكيع بالسند الذي ساقه القاضي وهو يدل ولو رواه القاضي من طريق البخاري كان يقع له أعلى من هذا وسبب عدول القاضي عن إخراج هذا الحديث من أحد هذه الكتب مع أنه بين القاضي وبين شيخ الشيخ البخاري وكيع سبعة وهذا الذي ساقه بينه وبين وكيع ثمانية فالذي في الصحيح أعلى ليتنوع وليظهر كثرة الشيوخ والمسموعات والله سبحانه وتعالى أعلم بالنيات (وقال جماعة) أي من المحدثين والمتكلمين (بقول عائشة وهو المشهور) أي كما رواه الشيخان (عن ابن مسعود) أي أنه رأى جبريل (ومثله) أي في كونه مشهورا ما رواه البخاري (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا رَأَى جبريل عليه السلام واختلف عنه) أي عن أبي هريرة إذ قد روى عنه أنه قال رآه بعينه كابن مسعود وأبي ذر والحسن وابن حنبل. (وَقَالَ بِإِنْكَارِ هَذَا وَامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا جماعة من المحدّثين، والفقهاء والمتكلّمين) جوز أن يكون المشار إليه ما لم يشتهر من قول أبي هريرة أنه رآه بعينه وأن يكون ما انكرته عائشة أي بإنكار ما انكرته وفاقا لها ولذا أكده بالجملة الثانية دفعا لتوهم كون انكارهم انكارا لانكارها كذا حققه الدلجي ونقل الحلبي أنه حكى أبو عبد الله ابن إمام الجوزية عن عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ لما ذكره مسألة الرؤية ما لفظه وهي مسألة خلاف بين السلف والخلف وإن كان جمهور الصحابة بل كلهم مع عائشة كما حكاه عثمان ابن سعيد الدارمي إجماعا للصحابة (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ رآه بعينه) وبه قال أنس وعكرمة والربيع (وروى عطاء عنه) أي عن ابن عباس (بقلبه) أي أنه رآه بعين بصيرته وعطاء هذا هو ابن أبي رباح بفتح الراء وبالموحدة أبو محمد المكي الفقيه أحد الأعلام يروي عن عائشة وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وخلق وعنه أبو حنيفة والليث والأوزاعي وابن جريج وأمم أخرج له الأئمة الستة وقد أخرج هذا الحديث مسلم عن عطاء عن ابن عباس في صحيحه في باب الإيمان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عنه به (وعن أبي العالية عنه) أي عن ابن عباس (رآه بفؤاده مرّتين) وأبو العالية هذا هو رفيع بن مهران الرياحي بكسر الراء والمثناة تحت وهذه الرواية أخرجها مسلم في الإيمان (وذكر ابن إسحاق) أي محمد بن إسحاق بن يسار الإمام في المغازي عن عبد الله بن أبي سلمة (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْأَلُهُ هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ ربّه) أي بعين بصره إذ لا خلاف في رؤيته ببصيرته (فقال نعم) والحاصل أنه اختلفت الرواية عن ابن عباس في مسألة الرؤية (والأشهر عنه) أي عن ابن عباس (أنّه رأى ربّه بعينه روي ذلك) أي القول الأشهر (عنه من طرق) أي بأسانيد متعددة اقتضت الشهرة (وقال) أي في بعض طرقه وهو ما رواه الحاكم والنسائي والطبراني أن ابن عباس قال تقوية لقوله إنه رأى ربه بعينه (إنّ الله اختصّ موسى بالكلام) أي من بين سائر الأنبياء عليهم السلام فلا ينافي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم وقع أيضا له الكلام على وفق