للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرام وكذا قوله (وإبراهيم بالخلّة) بضم الهاء فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم جمع له بين كونه خليلا وحبيبا (ومحمّدا بالرّؤية) أي البصرية هذا ولا منافاة بين قول ابن عباس رآه بعينه وبين قوله رآه بفؤاده لإمكان الجمع بينهما بثبوت الرؤية للبصر والبصيرة كما يشير إليه قوله تعالى ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أي ما كذب فؤاده مرئيه بل صدقه وطابقه ووافقه (وحجّته) أي دليل ابن عباس أي على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى ربه (قوله تعالى: ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) أي بعينه إذ لا يقال ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى بقلبه فالمعنى ما اعتقد قلب محمد خلاف ما رأى ببصره وهي مشاهدة ربه تعالى بفؤاده بجعل بصره فيه أو ببصره بجعل فؤاده فيه لأن مذهب أهل السنة أن الرؤية بالإراءة لا بالقدرة هذا والراجح كما قال النووي عند أكثر العلماء إنه رآه بعيني رأسه ليلة الإسراء وإثبات هذا ليس إلا بالسماع منه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو مما لا شك فيه وإنكار عائشة وقوعها لم يكن لحديث روته ولو كان لحديث ذكرته بل احتجت بقوله تعالى لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ قلنا المراد بالإدراك الإحاطة إذ ذاته تعالى لا تحاط ولا يلزم من نفيها نفي الرؤية بدونها وبقوله وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً

قلنا لا تلازم بين الرؤية والكلام لجواز وجودها بدونه كذا قرره الدلجي فيما نقله عن النووي وفيه أنه لا يعرف حديث مسموع مرفوع بل كل من عائشة وابن عباس مستدل بآية من الكتاب والله تعالى أعلم بالصواب (أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى أي افتشكون أو افتجادلونه بالاستفهام الإنكاري وإنما وقع الجدل والشك في رؤية البصر إذ لا يشك أحد في رؤية البصيرة ولعل الاستدلال بهذه الآية بناء على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وإلا فالظاهر أن الشك إنما وقع من الكفار في نفس الإسراء وما رأى في عالم السماء (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى [النجم: ١١- ١٣] ) وهي فعلة من النزول اقيمت مقام المرة ونصبت نصبها قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كانت له في تلك الليلة عرجات لحط عدد الصلوات ولكل عرجة نزلة ذكره الدلجي وفي الاحتجاج بهذه الآية نظر ظاهر إذ جمهور المفسرين على أن ضمير المفعول راجع إلى جبريل عليه السلام لا سيما ضعف الاحتمال لضعف الاستدلال (قال الماورديّ) سبق ذكره (قِيلَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَسَمَ كَلَامَهُ وَرُؤْيَتَهُ بين موسى ومحمّد صلى الله تعالى عليه وسلم فرآه محمّد مرّتين) أي حيث كان قاب قوسين أو أدنى وعند سدرة المنتهى (وكلّمه موسى مرّتين) أي مرة وقت إرساله إلى فرعون ومرة بعد هلاكه ورجوعه إلى الطور وفيه أن قائل هذا مجهول فالاستدلال به غير معقول.

(وحكى أبو الفتح الرّازي) الله أعلم به كذا ذكره الدلجي وقال التلمساني هو سليمان بن أيوب مات غريقا سنة سبع وأربعين وأربعمائة (وأبو اللّيث السّمرقندي) تقدم ذكره (الحكاية) أي التي ذكرها الماوردي (عن كعب) وفيه أن كعب الأحبار هو من أهل الكتاب والتواريخ فلا يكون قوله حجة في هذه المسألة (وروى عبد الله بن الحارث) هو زوج أخت محمد بن سيرين روى عن جماعة من الصحابة وروى هذا الحديث مرسلا كذا ذكره الشمني تبعا

<<  <  ج: ص:  >  >>