الأرضين السفلى وأنه ليتصاغر من عظمة الله حتى يصير كالوصع يعني كالعصفور الصغير قيل ولم ير جبريل عليه السلام أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد فإنه رآه فيها مرة في الأرض ومرة في السماء ليلة المعراج عند سدرة المنتهى ذكره الأنطاكي (أو من السّدرة المنتهى) وهذا في غاية من البعد على ما لا يخفى (قال الرّازيّ وقال ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) أي كما رواه ابن أبي حاتم (هُوَ مُحَمَّدٌ دَنَا فَتَدَلَّى مِنْ رَبِّهِ وَقِيلَ معنى دنا قرب) بضم الراء (وتدلّى زاد في القرب) أظن لا معنى له غيره (وقيل هما بمعنى واحد) أي جمع بينهما للتأكيد (أي قرب) غاية القرب والأول أظهر لأن التأسيس هو الأكثر ولأن زيادة المبنى تفيد زيادة المعنى وقال ابن الأعرابي تدلى إذا قرب بعد علو (وحكى مكّيّ والماوردي عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) أي كما رواه ابن جرير (هو الرّبّ دنا من محمّد) أي تجلى بوصف القرب له وأما قول الدلجي دنو علم فليس في محله إذ لا خصوصية له ولا بمقامه ثم لا معارضة بين قولي ابن عباس إذ نسبة القرب بينهما متلازمة بل إضافته إلى الرب هو الحقيقة فإنه لو لاقربه لما تصور تقربه كما حقق في قوله سبحانه وتعالى يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (فتدلّى إليه) أي نزل إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (أي أمره وحكمه) يعني على حذف مضاف أو ارتكاب مجاز والأنسب في معناه قرب الرب منه فتقرب إليه والأول يسمى قرب الفرائض والثاني قرب النوافل هكذا قرره بعض أرباب الفضائل. (وحكى النّقّاش عن الحسن) أي البصري (قال دنا) أي الرب الأمجد (من عبده محمّد صلى الله تعالى عليه وسلم فتدلّى فقرب منه) أي قرب مكانه لا قرب مسافة وقرب انعام لأقرب أقدام وقرب عناية لا قرب غاية (فَأَرَاهُ مَا شَاءَ أَنْ يُرِيَهُ مِنْ قُدْرَتِهِ وعظمته) أي مما لا إطلاع لأحد على تفصيل جملته وفيه إيماء إلى تفسير قَوْلِهِ لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (قال) أي الحسن أو النقاش وهو الأقرب والأنسب (وقال ابن عبّاس هو) أي مجموع قوله دَنا فَتَدَلَّى (مقدّم ومؤخّر) أي فيه تقديم وتأخير كما بينه بقوله (تدلّى الرّفرف) وهو بساط خضر من نحو الديباج وقيل ما تدلى من الأسرة من غالى الثياب والبسط وقيل هي المرافق وقيل النمارق والطنافس وقيل كل ثوب عريض وقيل هو البساط مطلقا (لمحمّد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فَجَلَسَ عَلَيْهِ ثُمَّ) وفي نسخة حتى (رفع) أي بصيغة المجهول أي لربه (فدنا من ربّه) أي دنوا بالنسبة إليه (قال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما سبق عنه (فارقني جبريل) أي في مقام قرب الجليل وقال لو دنوت انملة لاحترقت (وانقطعت عنّي الأصوات) أي أصوات الملائكة وسائر المخلوقات (وسمعت كلام ربّي عزّ وجل) أي بجميع الحواس من جميع الجهات وهذا في المعنى هو تجلي الذات بجميع الصفات (وعن أنس في الصّحيح) أي على ما رواه شريك بن أبي نمير (عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الجبّار) أي القاهر لعباده على وفق مراده (ربّ العزّة) أي الغلبة والقوة في القدرة (فتدلّى) أي الجبار (حتّى كان منه) أي من سيد الأبرار (قاب قوسين) أي قدره وهو غاية القرب في