للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكونين (أو أدنى) أي بل أقرب مما يوصف بالقرب للمزيد فإنه في مقام المزيد أقرب من حبل الوريد (فأوحى إليه بما شاء) أي من غير واسطة أحد من العبيد ثم التقدير في الآية مكان مسافة قربه مثل قدر قوسين عربيين وفي أنوار التنزيل والمقصود من الآية تحقيق استماعه لما يوحى إليه بنفي العبد الملبس على الخلق (وأوحى إليه خمسين صلاة) أي بأن يصلي هو والأمة في كل يوم وليلة. (ثم خففت حتى قال يا محمد هي خمس وهي خمسون) أي خمسون حقيقة أو حكما (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) في أنها خمسون في الجملة وفي رواية أنهن خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ عشر فتلك خمسون صلاة هذا الحديث في الصحيح من رواية شريك عن أنس وقد استغرب الذهبي في الميزان هذا اللفظ فقال بعد أن ذكر حديث الإسراء إلى أن قال ثم علا به فوق ذلك ما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى وهذا من غرائب الصحيح كذا ذكره الحلبي (وعن محمّد بن كعب) أي القرظي كما في نسخة (هو) أي المراد بمن في الآية (محمّد دنا من ربّه فكان قاب قوسين) أي في مقام قربه لكمال حبه ووقع في أصل الدلجي هو محمد دنا محمد فتكلف له بأن وضع الظاهر موضع المضمر لكمال العناية بذكره إلا أنه مخالف لما في الأصول. (وقال جعفر بن محمّد) أي الصادق (أدناه ربّه منه) أي غاية الدنو وهو يحتمل جعل فاعل دنا الرب أو محمدا والأول أقرب (حتّى كان منه كقاب قوسين) ما أحسن هذه العبارة من زيادة الكاف المفيدة بحسب الإشارة إلى أنه ليس مقدار قوسين في المسافة في مقام القرب المعنوي بل يشبه به باعتبار القرب الحسي كما يستفاد هذا المعنى من قوله الآتي. (وقال جعفر بن محمد) أي الصادق ولم يطلقه لئلا يشتبه بجعفر الطيار، (والدّنوّ من الله لا حدّ له) أي لا يدخل تحت حدود العبارة ولا في ضمن وجود الإشارة على وفق سائر حقائق صفاته فضلا عن حقيقة ذاته (ومن العباد بالحدود) أي والدنو من العباد لا يتصور إلا بالحدود الغائية المنتهية إلى غاية ونهاية في الشهود. (وقال) أي جعفر (أيضا) أي حال كونه معاودا منتقلا إلى معنى الكلام في الدنو ومقام المرام (انقطعت الكيفيّة عن الدّنوّ) أي عن معرفة كنهه وحقيقته (ألا ترى كيف حجب جبريل عليه السلام) بفتح الحاء أي الرب الجليل (عن دنوّه) أي دنو الخليل فكيف يطعمع غيره إلى معرفة سواء السبيل مع اختلاف القال والقيل (ودنا محمّد إلى ما أودع قلبه) بصيغة المفعول أو الفاعل (من المعرفة والإيمان) أي من كمال المعرفة وزيادة الإيمان المنتجة إلى مقام الإحسان وشهود العرفان (فتدلّى بسكون قلبه إلى ما أدناه) أي قربه إليه وأشرق بأنوار المعارف وأسرار العوارف لديه (وزال عن قلبه الشّكّ والارتياب) أي عن توهم حلول الشك حول ذلك الجناب في حصول فتح هذا الباب والله تعالى أعلم بالصواب وهذا معنى خاص في الآية على طريق الإشارة القريب إلى معنى العبارة. (قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى) أي المصنف (اعْلَمْ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ إِضَافَةِ الدُّنُوِّ والقرب هنا من الله) أي لعبده (أو إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>