الاشتقاق الاصطلاحي لأن مبدأهما متحد بل أراد كون اسمه بمعنى اسمه كما يشير إليه قوله (فذو العرش محمود وهذا محمّد) فمحمود مأخوذ من معنى الحمد على ما سبق وقد ورد يا الله المحمود في كل فعاله والحاصل أن لفظ شق من شق الشيء جعله شقين أي نصفين ومعناه أنه أعطاه من معنى اسمه جزءا من مبناه وقيل شق بمعنى اشتق أخذه منه وصاغه من حروف اسمه هذا وقد قال الإمام حجة الإسلام في المقصد الأسنى في اسماء الله الحسنى الحميد من عباد الله تعالى من حمدت عقائده وأخلاقه وأفعاله وأقواله وهو نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ومن قرب منه من الأنبياء والأولياء فكل واحد منهم حميد بقدر ما حمد من أوصافه والحميد المطلق هو الله سبحانه وتعالى (ومن أسمائه تعالى الرّؤوف الرّحيم) أي ذو الرأفة والرحمة وقدم الأبلغ منهما لما مر غير مرة (وهما بمعنى) أي واحد (متقارب) أي في المؤدى وإن كانت الرأفة شدة الرحمة (وسمّاه) أي نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم (في كتابه بذلك) أي بما ذكر من الوصفين أو بالجمع بين النعتين (فقال بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة: ١٢٨] وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحَقُّ الْمُبِينُ وَمَعْنَى الْحَقِّ، الموجود) أي دوامه الثابت قيامه (والمتحقّق أمره) لأنه الثابت مطلقا لوجوب شأنه وأما غيره فلا وجود له في حد ذاته لإمكانه وهذا وجه قوله تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وإلى هذا المعنى أشار لبيد بقوله (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) وهذا إيراد شيخ مشايخنا أبو الحسن البكري قدس الله سره السري بقوله استغفر الله مما سوى الله (وكذلك المبين أي البيّن) يعني الظاهر (أمره) أي أمر وجوده وشأن ربوبيته (وإلهيّته) أي بوصف وأجبيته واحديته وواحديته ثم قوله (بان وأبان بمعنى واحد) يعني أن بان ههنا بمعنى أبان فهما لازمان وقد يكون أبان متعديا فيكون المبين بمعنى المظهر وهذا معنى قوله (ويكون بمعنى المبين لعباده أمر دينهم) أي ما يتعلق به من معاشهم في دنياهم (ومعادهم) أي وأمر معادهم في عقباهم وهذا المعنى في حقه تعالى (وسمّى النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك) أي بما ذكر من الاسمين (في كتابه فقال) أي بعد قوله بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ (حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ [الزخرف: ٣٩] ) وهذا على قول بعض المفسرين من أن المراد بالحق هو الرسول الأمين خلافا لمن قال إن المراد بالحق هو الكتاب المبين (وقال: وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ [الحجر: ٨٩] ) أي الظاهر الإنذار أو مظهر الأخبار (وقال) أي بعد قوله (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ [يونس: ٨٠١] ) يعني به محمدا أو القرآن (وَقَالَ: فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ [الْأَنْعَامِ: ٥] قيل) أي المراد بالحق (محمّد) أي كذبوا بالنبي الثابت نبوته المتحقق معجزته بدليل الآيات السابقة المشيرة إليه فلا التفات إلى قول الدلجي وهذا القيل مما لا دليل عليه (وقيل القرآن) وكلاهما صحيح وفي المدعي صريح فإن تكذيب كل منهما يستلزم تكذيب الآخر سواء تقدم الأول أو تأخر فتدبر (ومعناه) أي ومعنى الحق (هنا) أي في كل من التفسيرين (ضدّ الباطل والمتحقّق صدقه وأمره) أي شأنه جميعه ثم المتحقق بكسر القاف